فأخذه الله نكال الآخرة والأولى النكال بمعنى التنكيل كالسلام بمعنى التسليم؛ وهو التعذيب الذي ينكل من رآه أو سمعه ويمنعه من تعاطي ما يفضي إليه وهو نصب على أنه مصدر مؤكد ك ( وعد الله ) و صبغة الله كأنه قيل: نكل الله تعالى به نكال الآخرة والأولى، وهو الإحراق في الآخرة والإغراق والإذلال في الدنيا، وجوز أن يكون نصبا على أنه مفعول مطلق لأخذ؛ أي: أخذه الله تعالى أخذ نكال الآخرة... إلخ. وأن يكون مفعولا له أي: أخذه لأجل نكال إلخ. وأن يكون نصبا بنزع الخافض؛ أي: أخذه بنكال الآخرة والأولى، وإضافته إلى الدارين باعتبار وقوع نفس الأخذ فيهما لا باعتبار أن ما فيه من معنى المنع يكون فيهما؛ فإن ذلك لا يتصور في الآخرة بل في الدنيا؛ فإن العقوبة الأخروية تنكل من سمعها وتمنعه من تعاطي ما يؤدي إليها فيها، وأن يكون في تأويل المشتق حالا، وإضافته على معنى في؛ أي: منكلا لمن رآه أو سمع به في الآخرة والأولى، وجوز أن تكون الإضافة عليه لامية، وحمل الآخرة والأولى على الدارين هو الظاهر، وروي عن الحسن وغيرهما، وعن وابن زيد ابن عباس وعكرمة والضحاك أن الآخرة قولته: والشعبي أنا ربكم الأعلى والأولى قولته: ما علمت لكم من إله غيري وقيل بالعكس فهما كلمتان [ ص: 31 ] وكان بينهما على ما قالوا أربعون سنة، وقال أبو رزين: «الأولى» حالة كفره وعصيانه، «والآخرة» قولته: أنا ربكم الأعلى وعن أنهما عبارتان عن أول معاصيه وآخرها؛ أي؛ نكل بالجميع، والإضافة على جميع ذلك من إضافة المسبب إلى السبب، ومآل من يقول بقبول إيمان مجاهد فرعون إلى هذه الأقوال، وجعل ذلك النكال الإغراق في الدنيا وقد قدمنا الكلام في هذا المقام.