وقوله تعالى بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة عطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل لا يكتفون بتلك التذكرة ولا يرضون بها بل يريد كل واحد منهم أن يؤتى قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها وجوز أن يراد كتبا كتبت في السماء ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد وفيه بعد وذلك على الوجهين أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن سرك أن نتابعك فأت كل واحد منا بكتب من السماء عنوانها من رب العالمين إلى فلان بن فلان نؤمر فيها باتباعك فنزلت .
ونحوه قوله تعالى ( لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرأه ) [الإسراء: 93] وقال ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم [الأنعام: 7] الآية وأخرج ابن جرير عن وابن المنذر عن السدي أبي صالح قال: قالوا إن كان محمد صادقا فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيه براءة وأمنة من النار وقيل كانوا يقولون بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح مكتوبا على رأسه ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك وهذا من الصحف المنشرة بمعزل .
( إلا ) أن يراد بالصحف المنشرة الكتابات الظاهرة المكشوفة ونحوه ما روي عن أبي صالح فمآلهما إلى واحد لاشتراكهما في أن المنشر لم يبق على أصله وأن لكل صحيفة مخصوصة به إما لخلاصه من الذنب وإما لوجه خلاصة فالمعمول عليه ما تقدم وهو مروي عن الحسن وقتادة . وابن زيد
وقرأ «صحفا» بإسكان الحاء «منشرة» بالتخفيف على أن أنشر الصحف ونشرها واحد كأنزل ونزله وفي البحر المحفوظ في الصحيفة والثوب نشر مخففا ثلاثيا ويقال في الميت أنشره الله تعالى ونشره ويقال: أنشره الله تعالى فنشر هو أي أحياه فحيي ( كلا ) ردع عن إرادتهم تلك وزجر لهم عن اقتراح الآيات . سعيد بن جبير