قل يا أيها الذين هادوا أي تهودوا أي صاروا يهودا إن زعمتم أنكم أولياء لله أي أحباء له سبحانه ولم يضف أولياء إليه تعالى كما في قوله سبحانه : ألا إن أولياء الله قال الطيبي : ليؤذن بالفرق بين مدعي الولاية ومن يخصه عز وجل بها من دون الناس حال من الضمير الراجع إلى اسم إن أي [ ص: 96 ]
متجاوزين عن الناس فتمنوا الموت أي فتمنوا من الله تعالى أن يميتكم وينقلكم من دار البلية إلى محل الكرامة إن كنتم صادقين جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه أي إن كنتم صادقين في زعمكم واثقين بأنه حق فتمنوا الموت فإن من أيقن أنه من أهل الجنة أحب أن يتخلص إليها من هذه الدار التي هي قرارة الأنكاد والأكدار ، وأمر صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقول لهم ذلك إظهارا لكذبهم فإنهم كانوا يقولون : نحن أبناء الله وأحباؤه [المائدة : 18] ويدعون أن الآخرة لهم عند الله خالصة ويقولون : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا [البقرة : 111] وروي أنه لما ظهر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كتبت يهود المدينة ليهود خيبر : إن اتبعتم محمدا أطعناه وإن خالفتموه خالفناه . فقالوا : نحن أبناء خليل الرحمن ومنا عزير ابن الله والأنبياء ومتى كانت النبوة في العرب نحن أحق بها من محمد ولا سبيل إلى اتباعه فنزلت قل يا أيها الذين هادوا الآية ، واستعمال إن التي للشك مع الزعم وهو محقق للإشارة إلى أنه لا ينبغي أن يجزم به لوجود ما يكذبه .
وقرأ ابن يعمر وابن أبي إسحاق وابن السميفع « فتمنوا الموت » بكسر الواو تشبيها بلو استطعنا ، وعن ابن السميفع أيضا فتحها ، وحكى عن بعض الأعراب أنه قرأ بالهمزة مضمومة بدل الواو
الكسائي