فأما إن كان من المقربين إلى آخره شروع في بيان حال المتوفى بعد الممات إثر بيان حاله عند الوفاة وضمير ( كان ) للمتوفى المفهوم مما مر أي فأما إن كان المتوفى الذي بين حاله من السابقين من الأزواج الثلاثة عبر عنهم بأجل أوصافهم فروح أي فله روح على أنه مبتدأ خبره محذوف مقدم عليه لأنه نكرة ، وقيل : خبر مبتدأ محذوف أي فجزاؤه روح أي استراحة ، والفاء واقعة في جواب أما ، قال بعض الأجلة : تقدير هذا الكلام مهما يكن من شيء فروح إلخ إن كان من المقربين فحذف مهما يكن من شيء ، وأقيم أما مقامه ولم يحسن أن يلي الفاء أما ، فأوقع الفصل بين أما والفاء بقوله سبحانه : إن كان من المقربين لتحسين اللفظ كما يقع الفصل بينهما بالظرف والمفعول ، والفاء في فروح وأخويه جواب أما دون ( إن) ، وقال : جواب أما أبو البقاء فروح ، وأما ( إن ) فاستغنى بجواب أما عن جوابها لأنه يحذف كثيرا ، وفي البحر أنه إذا اجتمع شرطان فالجواب للسابق منهما ، وجواب الثاني محذوف ، فالجواب ها هنا لأما ، وهذا مذهب . سيبويه
وذهب الفارسي إلى أن المذكور جواب ( إن ) وجواب أما محذوف ، وله قول آخر موافق لمذهب . سيبويه
وذهب إلى أن المذكور جواب لهما معا ، وقد أبطلنا المذهبين في شرح التسهيل انتهى ، والمشهور أنه لا بد من لصوق الاسم - لأما - وهو عند الأخفش وجماعة أكثري لهذه الآية ، والذاهبون إلى الأول قالوا : هي بتقدير فأما المتوفى إن كان وتعقب بأنه لا يخفى أن التقدير مستغنى عنه ولا دليل عليه إلا اطراد الحكم ، ثم إن كون - أما - قائمة مقام مهما يكن أغلبي إذ لا يطرد في نحو أما الرضي قريشا فأنا أفضلها إذ التقدير مهما ذكرت قريشا [ ص: 160 ] فأنا أفضلها ، وتمام الكلام في هذا المقام يطلب من كتب العربية .
وأخرج الإمام أحمد في تاريخه والبخاري وأبو داود والنسائي وحسنه والترمذي وصححه وآخرون والحاكم رضي الله تعالى عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقرأ «فروح » عائشة بضم الراء ، وبه قرأ عن ابن عباس وقتادة ونوح القاري والضحاك والأشهب وشعيب وسليمان التيمي والربيع بن خيثم ومحمد بن علي وأبو عمران الجوني والكلبي وفياض وعبيد وعبد الوارث عن أبي عمرو ويعقوب بن حسان وزيد ورويس عنه وقال : «الروح » الرحمة لأنها كالحياة للمرحوم ، أو سبب لحياته الدائمة فإطلاقه عليها من باب الاستعارة أو المجاز المرسل ، وروي هذا عن والحسن أيضا . وقال قتادة : معنى هذه القراءة يرجع إلى معنى الروح فكأنه قيل : فله ممسك روح وممسكها هو الروح كما تقول : الهواء هو الحياة وهذا السماع هو العيش ، وفسر بعضهم الروح بالفتح بالرحمة أيضا كما في قوله تعالى : ابن جني ولا تيأسوا من روح الله [يوسف : 87] وقيل : هو بالضم البقاء وريحان أي ورزق كما روي عن ابن عباس ومجاهد ، وفي رواية أخرى عن والضحاك أنه الاستراحة ، وأخرج الضحاك عن عبد بن حميد أنه قال : هو هذا الريحان أي المعروف . الحسن
وأخرج عنه أنه قال : تخرج روح المؤمن من جسده في ريحانة : ثم قرأ ابن جرير فأما إن كان إلخ .
وأخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم قال : لم يكن أحد من المقربين يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصنين من ريحان الجنة فيشمهما ثم يقبض أبي العالية وجنت نعيم أي ذات تنعم فالإضافة لامية أو لأدنى ملابسة ، وهذا إشارة إلى مكان المقربين بحيث يلزم منه أن يكونوا أصحاب نعيم .
وأخرج في الزهد الإمام أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن وابن المنذر الربيع بن خيثم قال في قوله تعالى : فأما إن كان من المقربين فروح وريحان : هذا له عند الموت ، وفي قوله تعالى : وجنت نعيم تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث ولينظر ما المراد بالريحان على هذا ، وعن بعض السلف ما يقتضي أن يكون الكل في الآخرة .