وقوله تعالى : في كتاب مكنون وصف آخر للقرآن أي كائن في كتاب مصون عن غير المقربين من الملائكة عليهم السلام لا يطلع عليه من سواهم ، فالمراد به اللوح المحفوظ كما روي عن وغيره ، وقيل : أي في كتاب مصون عن التبديل والتغيير وهو المصحف الذي بأيدي المسلمين ويتضمن ذلك الإخبار بالغيب لأنه لم يكن إذ ذاك مصاحف ، وأخرج الربيع بن أنس عبد بن حميد عن وابن جرير أنه قال : في كتاب أي التوراة والإنجيل ، وحكي ذلك في البحر ثم قال : كأنه قال : ذكر في كتاب مكنون كرمه وشرفه ، فالمعنى على هذا الاستشهاد بالكتب المنزلة انتهى . عكرمة
والظاهر أنه أريد على هذا بالكتاب الجنس لتصح إرادة التوراة والإنجيل ، وفي وصف ذلك بالمكنون خفاء ولعله أريد به جليل الشأن عظيم القدر فإن الستر كاللازم للشيء الجليل ، وجوز إرادة هذا المعنى المجازي [ ص: 154 ] على غير هذا القول من الأقوال ، وقيل : الكتاب المكنون قلب المؤمن وهو كما ترى .
وقيل : المراد من كونه في كتاب مكنون كونه محفوظا من التغيير والتبديل ليس إلا كما قال تعالى : وإنا له لحافظون [يوسف : 63] والمعول عليه ما تقدم ، وجوز تعلق الجار بكريم كما يقال زيد كريم في نفسه ، والمعنى إنه كريم في اللوح المحفوظ وإن لم يكن كريما عند الكفار ، والوصفية أبلغ كما لا يخفى ،