ألا عللاني قبل نوح النوائح وقبل اضطراب النفس بين الجوانح وقبل غد يا لهف نفسي على غد
إذا راح أصحابي ولست برائح
أي ( سيعلمون ) البتة عن قريب من الكذاب الأشر الذي حمله أشره وبطره على ما حمله أصالح أم من كذبه ، والمراد سيعلمون أنهم هم الكذابون الأشرون لكن أورد ذلك مورد الإبهام إيماء إلى أنه مما لا يكاد يخفى ، ونحوه قول الشاعر :
[ ص: 89 ]
فلئن لقيتك خاليين لتعلمن أيي وأيك فارس الأحزاب
وقرأ ابن عامر وحمزة وطلحة وابن وثاب - ستعلمون - بتاء الخطاب على حكاية ما قال لهم والأعمش صالح مجيبا لهم ، وفي الكشاف أو هو كلام على سبيل الالتفات ، قال صاحب الكشف : أي هو كلام الله تعالى لقوم ثمود على سبيل الالتفات إليهم إما في خطابه تعالى لرسولنا صلى الله تعالى عليه وسلم وهو نظير ما حكاه سبحانه عن شعيب فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم [الأعراف : 93] بعد ما استؤصلوا هلاكا وهو من بليغ الكلام فيه دلالة على أنهم أحقاء بهذا الوعيد وكأنهم حضور في المجلس حول إليهم الوجه لينعى عليهم جناياتهم . وإما في خطابه عز وجل لصالح عليه السلام والمنزل حكاية ذلك الكلام المشتمل على الالتفات . وعلى التقديرين لا إشكال فيه كما توهم ولفظ على الأول أدل وهو أبلغ انتهى ، ومن التفت إلى ما قاله الجمهور في الالتفات لا أظنه تسكن نفسه بما ذكر فتأمل ، وقرأ الزمخشري فيما ذكره صاحب اللوامح مجاهد وأبو قيس الأودي «الأشر » بثلاث ضمات وتخفيف الراء . ويقال : أشر وأشر كحذر وحذر فضمة الشين لغة وضم الهمزة تبع لها . وحكى عن الكسائي ضم الشين دون الهمزة فهو كندس ، وقرأ مجاهد أبو حيوة «الأشر » أفعل تفضيل أي الأبلغ في الشرارة وكذا قرأ قتادة وأبو قلابة أيضا وهو قليل الاستعمال وإن كان على الأصل كالأخير في قول رؤبة :
بلال خير الناس وابن الأخير وقال : لا تكاد العرب تتكلم - بالأخير - والأشر إلا في ضرورة الشعر وأنشد البيت ، وقال أبو حاتم الجوهري : لا يقال ( الأشر )إلا في لغة رديئة