وقوله تعالى : تنزع الناس يجوز أن يكون صفة الريح وأن يكون حالا منها لأنها وصفت فقربت من المعرفة ، وجوز أن يكون مستأنفا ، وجيء - بالناس - دون ضمير عاد قيل : ليشمل ذكورهم وإناثهم - والنزع - القلع ، روي أنهم دخلوا الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض فقلعتهم الريح وصرعتهم موتى . كأنهم أعجاز نخل منقعر أي منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض ، وقيل : شبهوا بأعجاز النخل وهي أصولها بلا فروع لأن الريح كانت تقلع رؤوسهم فتبقى أجسادا وجثثا بلا رؤوس ، ويزيد هذا التشبيه حسنا أنهم كانوا ذوي جثث عظام طوال ، والنخل اسم جنس يذكر نظرا للفظ كما هنا ويؤنث نظرا للمعنى كما في قوله تعالى : أعجاز نخل خاوية [الحاقة : 7] واعتبار كل في كل من الموضعين للفاصلة ، والجملة التشبيهية حال من الناس وهي حال مقدرة ، وقال : في الكلام حذف والتقدير فتركتهم كأنهم إلخ ، فالكافعلى ما في البحر في موضع نصب بالمحذوف وليس بذاك ، وقرأ أبو الطبري نهيك أعجزعلى وزن أفعل نحو ضبع وأضبع ، وقوله تعالى : فكيف كان عذابي ونذر تهويل لهما وتعجيب من أمرهما بعد بيانهما فليس فيه شائبة تكرار مع ما تقدم ، وقيل : إن الأول لما حاق بهم في الدنيا والثاني لما يحيق بهم في الآخرة ، ( وكان ) للمشاكلة ، أو للدلالة على تحققه على عادته سبحانه في إخباره ، وتعقب بأنه يأباه ترتيب الثاني على العذاب الدنيوي .