قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون [ ص: 127 ] فيه أربع مسائل :
الأولى : حلا أي حلالا ، ثم استثنى فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93إلا ما حرم إسرائيل على نفسه وهو
يعقوب عليه السلام . في
الترمذي عن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=838193أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أخبرنا ، ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ قال : ( كان يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها ) . قالوا : صدقت . وذكر الحديث . ويقال : إنه نذر إن برأ منه ليتركن أحب الطعام والشراب إليه ، وكان أحب الطعام والشراب إليه لحوم الإبل وألبانها . وقال
ابن عباس ومجاهد وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : أقبل
يعقوب عليه السلام من
حران يريد
بيت المقدس حين هرب من أخيه
عيصو ، وكان رجلا بطشا قويا ، فلقيه ملك فظن
يعقوب أنه لص فعالجه أن يصرعه ، فغمز الملك فخذ
يعقوب عليه السلام ، ثم صعد الملك إلى السماء
ويعقوب ينظر إليه فهاج عليه عرق النسا ، ولقي من ذلك بلاء شديدا ، فكان لا ينام الليل من الوجع ويبيت وله زقاء أي صياح ،
nindex.php?page=treesubj&link=31894فحلف يعقوب عليه السلام إن شفاه الله جل وعز ألا يأكل عرقا ، ولا يأكل طعاما فيه عرق فحرمها على نفسه ; فجعل بنوه يتبعون بعد ذلك العروق فيخرجونها من اللحم . وكان سبب غمز الملك
ليعقوب أنه كان نذر إن وهب الله له اثني عشر ولدا وأتى
بيت المقدس صحيحا أن يذبح آخرهم . فكان ذلك للمخرج من نذره ; عن
الضحاك .
الثانية : واختلف هل كان التحريم من
يعقوب باجتهاد منه أو بإذن من الله تعالى ؟ والصحيح الأول ; لأن الله تعالى أضاف التحريم إليه بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93إلا ما حرم وأن النبي إذا أداه اجتهاده إلى شيء كان دينا يلزمنا اتباعه لتقرير الله سبحانه إياه على ذلك . وكما يوحى إليه ويلزم اتباعه ، كذلك يؤذن له ويجتهد ، ويتعين موجب اجتهاده إذا قدر عليه ، ولولا تقدم الإذن له في تحريم ذلك ما تسور على التحليل والتحريم . وقد حرم نبينا - صلى الله عليه وسلم - العسل على الرواية الصحيحة ، أو خادمه
مارية فلم يقر الله تحريمه ونزل :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1لم تحرم ما أحل الله لك على ما يأتي بيانه في ( التحريم ) . قال
الكيا الطبري : فيمكن أن يقال : مطلق قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=1لم تحرم ما أحل الله يقتضي ألا يختص
بمارية ; وقد رأى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن وجوب الكفارة في ذلك غير معقول
[ ص: 128 ] المعنى ، فجعلها مخصوصا بموضع النص ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رأى ذلك أصلا في تحريم كل مباح وأجراه مجرى اليمين .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28974قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين قال
ابن عباس : لما أصاب
يعقوب عليه السلام عرق النسا وصف الأطباء له أن يجتنب لحوم الإبل فحرمها على نفسه . فقالت
اليهود : إنما نحرم على أنفسنا لحوم الإبل ; لأن
يعقوب حرمها وأنزل الله تحريمها في التوراة ; فأنزل الله هذه الآية . قال
الضحاك : فكذبهم الله ورد عليهم فقال : يا
محمد nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=93قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فلم يأتوا . فقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=94فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون قال
الزجاج : في هذه الآية أعظم دلالة لنبوة محمد نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، أخبرهم أنه ليس في كتابهم ، وأمرهم أن يأتوا بالتوراة فأبوا ; يعني عرفوا أنه قال ذلك بالوحي . وقال
عطية العوفي : إنما كان ذلك حراما عليهم بتحريم
يعقوب ذلك عليهم . وذلك أن
إسرائيل قال حين أصابه عرق النسا : والله لئن عافاني الله منه لا يأكله لي ولد ; ولم يكن ذلك محرما عليهم . وقال
الكلبي : لم يحرمه الله عز وجل في التوراة عليهم وإنما حرمه بعد التوراة بظلمهم وكفرهم ، وكانت
بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم الله تعالى عليهم طعاما طيبا ، أو صب عليهم رجزا وهو الموت ; فذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=160فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم الآية . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=146وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر الآية - إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=146ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون .
الرابعة : ترجم
ابن ماجه في سننه "
nindex.php?page=treesubj&link=17292دواء عرق النسا " حدثنا
هشام بن عمار وراشد بن سعيد الرملي قالا حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين أنه سمع
أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831893شفاء عرق النسا ألية شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم يشرب على الريق في كل يوم جزء . وأخرجه
الثعلبي في تفسيره أيضا من حديث
أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838195قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرق النسا : تؤخذ ألية كبش عربي لا صغير ولا كبير فتقطع صغارا فتخرج إهالته فتنقسم ثلاثة أقسام في كل يوم على ريق النفس ثلثا قال أنس : فوصفته لأكثر من مائة فبرأ بإذن الله تعالى .
شعبة : حدثني شيخ في
[ ص: 129 ] زمن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف في عرق النسا : أقسم لك بالله الأعلى لئن لم تنته لأكوينك بنار أو لأحلقنك بموسى . قال
شعبة : قد جربته ، تقوله ، وتمسح على ذلك الموضع .