وقيل : ( أن تشهد ) مفعول له والمستتر عنه الجوارح أي ما تستترون عن جوارحكم مخافة أن تشهد عليكم لكن ظننتم.. إلخ ، وقيل : إن تستترون ضمن معنى الظن فعدي تعديته أي ما كنتم تستترون ظانين شهادة الجوارح عليكم ، ويؤيده قول : أي ما كنتم تظنون أن تشهد عليكم.. إلخ ، والحق أن هذا بيان لحاصل المعنى . قتادة
أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وجماعة عن والنسائي قال : ابن مسعود الكعبة فجاء ثلاثة نفر قرشي وثقفيان أو ثقفي وقرشيان كثير لحم بطونهم قليل عفة قلوبهم فتكلموا بكلام لم أسمعه فقال أحدهم : أترون الله يسمع كلامنا هذا ؟ فقال الآخر : إنا إذا رفعنا أصواتنا يسمعه وإذا لم نرفع لم يسمع فقال الآخر : إن سمع منه شيئا سمعه كله قال : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم - إلى قوله سبحانه - من الخاسرين فالحكم المحكي حينئذ يكون خاصا بمن كان على ذلك الاعتقاد من الكفر لكنه قليل في الكفرة . وفي الإرشاد لعل الأنسب أن يراد بالظن معنى مجازي يعم معناه الحقيقي وما يجري مجراه من الأعمال المنبئة عنه كما في قوله تعالى : كنت مستترا بأستار يحسب أن ماله أخلده [الهمزة : 3] ليعم ما حكي من الحال جميع أصناف الكفرة فتدبر . وفي الآية تنبيه على أن المؤمن ينبغي أن لا يمر عليه حال إلا بملاحظة أن عليه رقيبا كما قال أبو نواس :
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب