[ ص: 257 ] سورة غافر
سورة غافر .
وهي سورة المؤمن ، وتسمى سورة الطول .
وهي مكية في قول
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وعكرمة وجابر . وعن
الحسن إلا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=130وسبح بحمد ربك لأن الصلوات نزلت
بالمدينة . وقال
ابن عباس وقتادة : إلا آيتين منها نزلتا
بالمدينة وهما
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله والتي بعدها . وهي خمس وثمانون آية . وقيل : ثنتان وثمانون آية . وفي مسند
الدارمي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون عن
مسعر عن
سعد بن إبراهيم قال : كن الحواميم يسمين العرائس . وروي من حديث
أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
الحواميم ديباج القرآن وروي عن
ابن مسعود مثله . وقال
الجوهري وأبو عبيدة : وآل حم سور في القرآن . قال
ابن مسعود : آل حم ديباج القرآن . قال
الفراء : إنما هو كقولك آل فلان وآل فلان ، كأنه نسب السورة كلها إلى حم ، قال الكميت :
وجدنا لكم في آل حاميم آية تأولها منا تقي ومعزب
قال
أبو عبيدة : هكذا رواها الأموي بالزاي ، وكان
أبو عمرو يرويها بالراء . فأما قول العامة : الحواميم ، فليس من كلام العرب . وقال
أبو عبيدة : الحواميم سور في القرآن على غير قياس ، وأنشد :
[ ص: 258 ] وبالحواميم التي قد سبغت
قال : والأولى أن تجمع بذوات حم . وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
لكل شيء ثمرة ، وإن ثمرة القرآن ذوات حم ، هن روضات حسان مخصبات متجاورات ، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
مثل الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب ذكرهما
الثعلبي . وقال
أبو عبيد : وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد عن
أبي معشر عن
محمد بن قيس قال : رأى رجل سبع جوار حسان مزينات في النوم فقال : لمن أنتن بارك الله فيكن ؟ فقلن : نحن لمن قرأنا ، نحن الحواميم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد .
قوله تعالى : حم اختلف في معناه ، فقال
عكرمة : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
حم اسم من أسماء الله تعالى ، وهي مفاتيح خزائن ربك قال
ابن عباس : حم اسم الله الأعظم . وعنه : الر و حم و ن حروف الرحمن مقطعة . وعنه أيضا : اسم من أسماء الله تعالى أقسم به . وقال
قتادة : إنه اسم من أسماء القرآن .
مجاهد : فواتح السور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : الحاء افتتاح اسمه حميد وحنان وحليم وحكيم ، والميم افتتاح اسمه ملك ومجيد ومنان ومتكبر ومصور ، يدل عليه ما روى
أنس أن أعرابيا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما حم فإنا لا [ ص: 259 ] نعرفها في لساننا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : بدء أسماء وفواتح سور وقال
الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : معناه قضي ما هو كائن . كأنه أراد الإشارة إلى تهجي حم ; لأنها تصير حم بضم الحاء وتشديد الميم ، أي : قضي ووقع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك :
فلما تلاقيناهم ودارت بنا الرحى
وليس لأمر حمه الله مدفع
وعنه أيضا : إن المعنى حم أمر الله أي : قرب ، كما قال الشاعر :
قد حم يومي فسر قوم قوم بهم غفلة ونوم
ومنه سميت الحمى ; لأنها تقرب من المنية . والمعنى المراد : قرب نصره لأوليائه ، وانتقامه من أعدائه كيوم
بدر . وقيل : حروف هجاء ، قال
الجرمي : ولهذا تقرأ ساكنة الحروف فخرجت مخرج التهجي ، وإذا سميت سورة بشيء من هذه الحروف أعربت ، فتقول : قرأت حم فتنصب ، قال الشاعر :
يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16748عيسى بن عمر الثقفي : " حم " بفتح الميم على معنى اقرأ حم أو لالتقاء الساكنين .
ابن أبي إسحاق وأبو السمال بكسرها . والإمالة والكسر لالتقاء الساكنين ، أو على وجه القسم . وقرأ
أبو جعفر بقطع الحاء من الميم . الباقون بالوصل . وكذلك في
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=1حم . عسق . وقرأ
أبو عمرو وأبو بكر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخلف وابن ذكوان بالإمالة في الحاء . وروي عن
أبي عمرو بين اللفظين وهي قراءة
نافع وأبي جعفر وشيبة . الباقون بالفتح مشبعا .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب ابتداء والخبر
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2من الله العزيز العليم . ويجوز أن يكون تنزيل خبرا لمبتدأ محذوف ، أي : هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب . ويجوز أن يكون " حم " مبتدأ و " تنزيل " خبره ، والمعنى : أن القرآن أنزله الله وليس منقولا ولا مما يجوز أن يكذب به .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب قال
الفراء : جعلها كالنعت للمعرفة وهي نكرة . وقال
الزجاج : هي خفض على البدل .
النحاس : وتحقيق الكلام في هذا وتلخيصه أن
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب وقابل التوب يجوز أن يكونا معرفتين على أنهما لما مضى فيكونا نعتين ، ويجوز أن يكونا للمستقبل والحال فيكونا نكرتين ، ولا يجوز أن يكونا نعتين على هذا ، ولكن يكون خفضهما على البدل ، ويجوز النصب على الحال ، فأما
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3شديد العقاب فهو
[ ص: 260 ] نكرة ويكون خفضه على البدل . قال
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب لمن قال : " لا إله إلا الله "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3وقابل التوب ممن قال : " لا إله إلا الله "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3شديد العقاب لمن لم يقل : " لا إله إلا الله " . وقال
ثابت البناني : كنت إلى سرادق
مصعب بن الزبير في مكان لا تمر فيه الدواب ، قال : فاستفتحت
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم فمر علي رجل على دابة فلما قلت
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب قال : قل : يا غافر الذنب اغفر لي ذنبي ، فلما قلت : قابل التوب قال : قل : يا قابل التوب تقبل توبتي ، فلما قلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3شديد العقاب قال : قل : يا شديد العقاب اعف عني ، فلما قلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول قال : قل : يا ذا الطول طل علي بخير ، فقمت إليه فأخذ ببصري ، فالتفت يمينا وشمالا فلم أر شيئا . وقال أهل الإشارة :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب فضلا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3وقابل التوب وعدا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3شديد العقاب عدلا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3لا إله إلا هو إليه المصير فردا . وروي عن
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه افتقد رجلا ذا بأس شديد من
أهل الشام ، فقيل له : تتابع في هذا الشراب ، فقال
عمر لكاتبه : اكتب من
عمر إلى فلان ، سلام عليك ، وأنا أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو : " بسم الله الرحمن الرحيم "
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ثم ختم الكتاب وقال لرسوله : لا تدفعه إليه حتى تجده صاحيا ، ثم أمر من عنده بالدعاء له بالتوبة ، فلما أتته الصحيفة جعل يقرأها ويقول : قد وعدني الله أن يغفر لي ، وحذرني عقابه ، فلم يبرح يرددها حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع وحسنت توبته . فلما بلغ
عمر أمره قال : هكذا فاصنعوا ، إذا رأيتم أحدكم قد زل زلة فسددوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشياطين عليه . و " التوب " يجوز أن يكون مصدر تاب يتوب توبا ، ويحتمل أن يكون جمع توبة نحو دومة ودوم وعزمة وعزم ، ومنه قوله : فيخبو ساعة ويهب ساعا
ويجوز أن يكون التوب بمعنى التوبة . قال
أبو العباس : والذي يسبق إلى قلبي أن يكون مصدرا ، أي : يقبل هذا الفعل ، كما تقول قال قولا ، وإذا كان جمعا فمعناه يقبل التوبات .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول على البدل وعلى النعت ; لأنه معرفة . وأصل الطول الإنعام والفضل . يقال منه : اللهم طل علينا أي : أنعم وتفضل . قال
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول ذي النعم . وقال
مجاهد : ذي الغنى والسعة ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم طولا أي : غنى وسعة . وعن
ابن عباس أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول ذي الغنى عمن لا يقول لا إله إلا الله . وقال
عكرمة :
[ ص: 261 ] nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول ذي المن . قال
الجوهري : والطول بالفتح المن ، يقال منه طال عليه وتطول عليه إذا امتن عليه . وقال
محمد بن كعب :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3ذي الطول ذي التفضل ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : والفرق بين المن والتفضل أن المن عفو عن ذنب . والتفضل إحسان غير مستحق . والطول مأخوذ من الطول كأنه طال بإنعامه على غيره . وقيل : لأنه طالت مدة إنعامه .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3لا إله إلا هو إليه المصير أي المرجع .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا سجل سبحانه على المجادلين في آيات الله بالكفر ، والمراد الجدال بالباطل ، من الطعن فيها ، والقصد إلى إدحاض الحق ، وإطفاء نور الله تعالى . وقد دل على ذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق . فأما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها ، وحل مشكلها ، ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ، ورد أهل الزيغ بها وعنها ، فأعظم جهاد في سبيل الله . وقد مضى هذا المعنى في [ البقرة ] عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=258ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه مستوفى .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4فلا يغررك وقرئ : " فلا يغرك " تقلبهم أي : تصرفهم
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4في البلاد فإني وإن أمهلتهم لا أهملهم بل أعاقبهم . قال
ابن عباس : يريد تجارتهم من
مكة إلى
الشام وإلى
اليمن . وقيل : لا يغررك ما هم فيه من الخير والسعة في الرزق فإنه متاع قليل في الدنيا . وقال
الزجاج : لا يغررك سلامتهم بعد كفرهم فإن عاقبتهم الهلاك . وقال
أبو العالية : آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=176وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد .