وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
و"رب" خبر ثان لـ"إن" على مذهب من يجوز تعدد الأخبار أو خبر مبتدأ محذوف أو هو رب السماوات إلخ.
وجوز وغيره كونه بدلا من "واحد" فهو المقصود بالنسبة، أي خالق السماوات والأرض وما بينهما من الموجودات، ويدخل في عموم الموصول أفعال العباد، فتدل الآية على أنها مخلوقة له تعالى، ولا ينافي ذلك كون قدرة العبد مؤثرة بإذنه - عز وجل - كما ذهب إليه معظم السلف حتى أبو البقاء نفسه في آخر الأمر على ما صرح به بعض الأجلة، وفسر بعضهم الرب هنا بالملك وبالمربي، ولعل الأول أظهر. وفي دلالة الآية على كون أفعال العباد مخلوقة له على ذلك بحث، والمراد بالمشارق - عند جمع - مشارق الشمس لأنها المعروفة الشائعة فيما بينهم وهي بعدد أيام السنة فإنها في كل يوم تشرق من مشرق وتغرب من مغرب فالمغارب متعددة تعدد المشارق، وكأن الاكتفاء بها لاستلزامها ذلك مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة. ولهذا استدل به الأشعري إبراهيم - عليه السلام - عند محاجة النمروذ، وعن أن مشارق الشمس مائة وثمانون، ووفق بعضهم بين هذا وما يقتضيه ما تقدم من مضاعفة العدد بأن مشارقها من رأس السرطان وهو أول بروج الصيف إلى رأس الجدي وهو أول بروج الشتاء متحدة معها من رأس الجدي إلى رأس السرطان فإن اعتبر ما كانت عليه وما عادت إليه واحدا كانت مائة وثمانين، وإن نظر إلى تغايرهما كانت ثلاثمائة وستين، وفي هذا إسقاط الكسر فإن السنة الشمسية تزيد على ذلك العدد بنحو ستة أيام على ما بين في موضعه، وفسرت المشارق أيضا بمشارق الكواكب، ورجح بأنه المناسب لقوله تعالى بعد ابن عطية إنا زينا إلخ، وهي للسيارات منها متفاوتة في العدد، وأكثرها مشارق على ما هو المعروف عند المتقدمين زحل، ومشارقه إلى أن يتم دورته أكثر من مشارق الشمس إلى أن تتم دورتها بألوف، ومشارق الثوابت إلى أن تتم الدورة أكثر وأكثر فلا تغفل وتبصر، وتثنية المشرق والمغرب في قوله تعالى رب المشرقين ورب المغربين [ ص: 68 ] على إرادة مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغربيهما، وإعادة رب هنا مع المشارق لغاية ظهور آثار الربوبية فيها وتجددها كل يوم