أيا شجر العناب نارك أوقدت بقلبي وما العناب من شجر النار
واشتهر العموم وعدم الاستثناء ففي المثل: "في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار" أي استكثرا من [ ص: 56 ] النار من مجدت الإبل إذا وقعت في مرعى واسع كثير، ومنه رجل ماجد أي مفضال، واختار بعضهم حمل الشجر الأخضر على الجنس وما يذكر من المرخ والعفار من باب التمثيل، وخصا لكونهما أسرع وريا وأكثر نارا كما يرشد إليه المثل، ومن إرسال المثل: المرخ والعفار لا يلدان غير النار.
فإذا أنتم منه توقدون كالتأكيد لما قبله والتحقيق له أي فإذا أنتم من ذلك الشجر الأخضر توقدون النار لا تشكون في أنها نار حقيقة تخرج منه وليست كنار الحباحب، وأشار سبحانه بقوله تعالى الذي إلخ إلى أن من قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفيته فإن الماء بارد رطب والنار حارة يابسة كان - جل وعلا - أقدر على إعادة الغضاضة إلى ما كان غضا فيبس وبلي، ثم إن هذه النار يخلقها الله تعالى عند سحق إحدى الشجرتين على الأخرى لا أن هناك نارا كامنة تخرج بالسحق ومن الشجر لا يصلح دليلا لذلك، وفي كل شجر نار من مسامحات العرب فلا تغفل، وإياك واعتقاد الكمون.