الوهن الضعف في العمل، ويحرك، والفعل كوعد وورث وكرم.
وفصاله أي فطامه، وترك إرضاعه. وقرأ ، الحسن وأبو رجاء، ، وقتادة والجحدري، «وفصله» وهو أعم من الفصال، والفصال ها هنا أوقع من الفصل، لأنه موقع يختص بالرضاع، وإن رجعا إلى أصل واحد على ما قاله ويعقوب الطيبي ، في عامين أي في انقضاء عامين، أي في أول زمان انقضائهما، وظاهر الآية أن عامان، وإلى ذلك ذهب الإمام مدة الرضاع والإمام الشافعي، أحمد، وأبو يوسف، ومحمد، وهو مختار وروي عن الطحاوي. وذهب الإمام مالك، إلى أن مدة الرضاع الذي يتعلق به التحريم ثلاثون شهرا، لقوله تعالى: أبو حنيفة وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [الأحقاف: 15]، ووجه الاستدلال به أنه سبحانه وتعالى ذكر شيئين، وضرب لهما مدة فكانت لكل واحد منهما بكمالها، كالأجل المضروب للدينين على شخصين بأن قال: أجلت الدين الذي لي على فلان والدين الذي لي على فلان سنة، فإنه يفهم أن السنة بكمالها لكل، أو على شخص بأن قال لفلان علي ألف درهم وعشرة أقفزة إلى سنة، فصدقه المقر له في الأجل، فإذا مضت السنة يتم أجلهما جميعا، إلا أنه قام النقص في أحدهما أعني مدة الحمل، لقول الذي لا يقال مثله إلا سماعا: الولد لا يبقى في بطن أمه أكثر من سنتين، ولو بقدر فلكة مغزل، فتبقى مدة الفصال على ظاهرها، وما ذكر هنا أقل مدته وفيه بحث، عائشة أن اشكر لي ولوالديك تفسير (لوصينا) كما اختاره النحاس، فأن تفسيرية، وجوز أن تكون مصدرية بتقدير لام التعليل قبلها، وهو متعلق (بوصينا) وبلا تقدير على أن يكون المصدر بدلا من – والديه - بدل الاشتمال، وعليه كأنه قيل: وصينا الإنسان بوالديه بشكرهما، وذكر شكر الله تعالى لأن صحة شكرهما تتوقف على شكره عز وجل، كما قيل في عكسه: ولذا قرن بينهما في الوصية، وفي هذا من البعد ما فيه، وأما القول بأن الأمر يأبى التفسير، والتعليل، والبدلية، فليس بشيء، كما أشرنا إليه قريبا، وعلى الأوجه الثلاثة يكون قوله تعالى: (لا يشكر الله تعالى من لا يشكر الناس)، حملته أمه – إلى - عامين اعتراضا مؤكدا للتوصية في حق الأم خصوصا، لذكر ما قاسته في تربيته وحمله، ولذا قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما في حديث صحيح رواه ، الترمذي ، عن وأبو داود بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده لمن سأله عمن يبره: أمك، وأجابه عن سؤاله به ثلاث مرات.
وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره، وهو يقول في حدائه:
أحمل أمي وهي الحماله ترضعني الدرة والعلاله ولا يجازى والد فعاله
ولله تعالى در من قال:
لأمك حق لو علمت كبير كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي لها من جراها أنة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص لها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك مما تشتكيه بنفسها ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حنوا وإشفاقا وأنت صغير فآها لذي عقل ويتبع الهوى
وآها لأعمى القلب وهو بصير فدونك فارغب في عميم دعائها
فأنت لما تدعو به لفقير
واختلف في المراد بالشكر المأمور به، فقيل هو الطاعة، وفعل ما يرضي كالصلاة والصيام بالنسبة إليه تعالى [ ص: 87 ] وكالصلة والبر بالنسبة إلى الوالدين، وعن (من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبارها فقد شكرهما)، ولعل هذا بيان لبعض أفراد الشكر، سفيان بن عيينة: إلي المصير تعليل لوجوب الامتثال بالأمر أي إلى الرجوع لا إلى غيري، فأجازيك على ما صدر عنك مما يخالف أمري.