وكأين من دابة لا تحمل رزقها لما روي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمر المؤمنين الذين كانوا بمكة بالمهاجرة إلى المدينة، قالوا: كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة؟ فنزلت.
أي وكم من دابة لا تطيق حمل رزقها لضعفها، أو لا تدخره، وإنما تصبح ولا معيشة عندها. عن ابن عيينة: ليس شيء يخبئ إلا الإنسان والنملة والفأرة، وعن لا يدخر إلا الآدمي والنمل والفأرة والعقعق، ويقال للعقعق مخابي، إلا أنه ينساها، وعن بعضهم: رأيت البلبل يحتكر في حضنيه، والظاهر عدم صحته، وذكر لي بعضهم أن أغلب الكوامن من الطير يدخر، والله تعالى أعلم بصحته. ابن عباس:
الله يرزقها وإياكم ثم إنها مع ضعفها وتوكلها، وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله تعالى، لأن رزق الكل بأسباب هو عز وجل المسبب لها وحده، فلا تخافوا على معاشكم بالمهاجرة، ولما كان المراد إزالة ما في أوهامهم من الهجرة على أبلغ وجه قيل: يرزقها وإياكم دون يرزقكم وإياها وهو السميع البالغ في السمع فيسمع قولكم هذا، العليم البالغ في العلم فيعلم ما انطوت عليه ضمائركم .