وقيل: ضمير (بهم) للقوم أي سيء بقومه لما علم من عظيم البلاء النازل بهم، وكذا ضمير بهم الآتي وليس بشيء، (وأن) مزيدة لتأكيد الكلام التي زيدت فيه فتؤكد الفعلين واتصالهما المستفاد من لما حتى كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان فكأنه قيل: لما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث.
وضاق بهم ذرعا أي وضاق بشأنهم وتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته كقولهم: ضاقت يده، ويقابله رحب ذرعه بكذا إذا كان مطيقا له قادرا عليه، وذلك أن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصير الذراع.
وقالوا لا تخف ولا تحزن عطف على سيء، وجوز أن يكون عطفا على مقدر أي قالوا: إنا رسل ربك [هود: 81] وقالوا إلخ، وأيا ما كان فالقول كان بعد أن شاهدوا فيه مخايل التضجر من جهتهم وعاينوا أنه عليه السلام قد عجز عن مدافعة قومه حتى آلت به الحال إلى أن قال: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد [هود: 80] والخوف للمتوقع والحزن للواقع في الأكثر، وعليه فالمعنى لا تخف من تمكنهم منا ولا تحزن على قصدهم إيانا وعدم اكتراثهم بك، ونهيهم عن الخوف من التمكن إن كان قبل إعلامهم إياه أنهم رسل الله تعالى فظاهر، وإن كان بعد الإعلام فهو لتأنيسه وتأكيد ما أخبروه به.
[ ص: 156 ] وقال الطبرسي: المعنى لا تخف علينا وعليك ولا تحزن بما نفعله بقومك إنا منجوك وأهلك فلا يصيبكم ما يصيبهم من العذاب إلا امرأتك إنها كانت في علم الله تعالى من الغابرين وقرأ حمزة والكسائي «لننجينه» و «منجوك» بالتخفيف من الإنجاء، ووافقهم ويعقوب في الثاني. ابن كثير
وقرأ الجمهور بشد نون التوكيد، وفرقة بتخفيفها، وأيا ما كان فمحل الكاف من منجوك الجر بالإضافة ولذا حذفت النون عند و «أهلك» منصوب على إضمار فعل أي وننجي أهلك، وذهب سيبويه الأخفش وهشام إلى أن الكاف في محل النصب وأهلك معطوف عليه وحذفت النون لشدة طلب الضمير الاتصال بما قبله للإضافة، وقال بعض الأجلة: لا مانع من أن يكون لمثل هذا الكاف محلان الجر والنصب ويجوز العطف عليها بالاعتبارين، وقرأ نافع وابن كثير «سيء» بإشمام السين الضم، وقرأ والكسائي عيسى «سوء» بضمها وهي لغة وطلحة بني هذيل وبني دبير يقولون في نحو قيل وبيع قول وبوع وعليه قوله:
حوكت على نولين إذ تحاك تختبط الشوك ولا تشاك