بلسان عربي مبين متعلق بـ(نزل) عند جمع من الأجلة، ويكون حينئذ على ما قال بدلا من (به) بإعادة العامل، وتقديم الشهاب لتكون إلخ للاعتناء بأمر الإنذار، ولئلا يتوهم أن كونه - عليه الصلاة والسلام - من جملة المنذرين المذكورين متوقف على كون الإنزال بلسان عربي مبين، واستحسن كون الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير (به) أي: نزل به ملتبسا بلغة عربية واضحة المعنى ظاهرة المدلول؛ لئلا يبقى لهم عذر، وقيل: بلغة مبينة لهم ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم، على أن (مبين) من (أبان) المتعدي، والأول أظهر.
وجوز أن تعلق الجار والمجرور بالمنذرين، أي: لتكون من الذين أنذروا بلغة العرب ، وهم هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد - صلى الله عليه وسلم - وزاد بعضهم خالد بن سنان ، وصفوان بن حنظلة - عليهما السلام - وتعقب بأنه يؤدي إلى أن غاية الإنذار كونه - عليه السلام - من جملة المنذرين باللغة العربية فقط من هود وصالح وشعيب - عليهم السلام- ولا يخفى فساده، كيف لا، والطامة الكبرى في باب الإنذار ما أنذره نوح وموسى - عليهما السلام - وأشد الزواجر تأثيرا في قلوب المشركين ما أنذره إبراهيم - عليه السلام - لانتمائهم إليه وادعائهم أنهم على ملته - عليه السلام - وذكر بعضهم أن المراد على هذا الوجه أنك أنذرتهم، كما أنذر آباؤهم الأولون، وأنك لست بمبتدع بهذا، فكيف كذبوك؟! والحق أن الوجه المذكور دون الوجه السابق، وأما أنه فاسد معنى - كما يقتضيه كلام المتعقب - فلا.