قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين لم يقتصروا على الجواب الكافي بأن يقولوا: (أصناما) كما في قوله تعالى: ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ، ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو إلى غير ذلك - بل أطنبوا فيه بإظهار الفعل وعطف دوام عكوفهم على أصنامهم - مع أنه لم يسأل عنه - قصدا إلى إبراز ما في نفوسهم الخبيثة من الابتهاج والافتخار بذلك، وهو - على ما في الكشف - من الأسلوب الأحمق، والمراد بالظلول الدوام، كما في قولهم: (لو ظل الظلم هلك الناس) وتكون ظل على هذا تامة، وقد قال بمجيئها كذلك ابن مالك ، وأنكره بعض النحاة، وقيل: فعل الشيء نهارا، فقد كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل، فتكون ظل على هذا ناقصة دالة على ثبوت خبرها لاسمها في النهار.
واختار بعض الأجلة الأول؛ لتبادر الدوام وكونه أبلغ مناسبا لمقام الابتهاج والافتخار، واختار الثاني؛ لأنه أصل المعنى، وهو مناسب للمقام أيضا؛ لأنه يدل على إعلانهم الفعل لافتخارهم به و(عاكفين) على الأول حال وعلى الثاني خبر والجار متعلق به. الزمخشري
وإيراد اللام دون على لإفادة معنى زائد، كأنهم قالوا: نظل لأجلها [ ص: 94 ] مقبلين على عبادتها أو مستديرين حولها، وهذا أيضا - على ما قيل - من جملة إطنابهم