فألقى موسى بعد أن قال له فرعون ذلك عصاه فإذا هي ثعبان مبين ظاهر ثعبانيته، أي ليس بتمويه وتخييل كما يفعله السحرة، والثعبان أعظم ما يكون من الحيات، واشتقاقه من ثعب الماء بمعنى جرى جريا متسعا، وسمي به لجريه بسرعة من غير رجل، كأنه ماء سائل، والظاهر أن نفس العصا انقلبت ثعبانا، وليس ذلك بمحال إذا كان بسلب الوصف الذي صارت به عصا وخلقه وصف الذي يصير ثعبانا، بناء على رأي بعض المتكلمين من تجانس الجواهر واستوائها في قبول الصفات، إنما المحال انقلابها ثعبانا مع كونها عصا؛ لامتناع كون الشيء الواحد في الزمن الواحد عصا وثعبانا، وقيل: إن ذلك بخلق الثعبان بدلها، وظواهر الآيات تبعد ذلك، وقد جاء في الأخبار ما يدل على مزيد عظم هذا الثعبان، ولا يعجز الله تعالى شيء، وقد مر بيان كيفية الحال.