وإذا ألقوا منها مكانا أي في مكان فهو منصوب على الظرفية ( ومنها ) حال منه لأنه في الأصل صفة، وجوز تعلقه بألقوا.
وقوله تعالى: ضيقا صفة لمكانا مقيدة لزيادة شدة الكرب مع الضيق كما أن الروح مع السعة وهو السر في وصف الجنة بأن عرضها السموات والأرض.
وأخرج عن ابن أبي حاتم يحيى بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 244 ] سئل عن قوله تعالى: وإذا ألقوا إلخ فقال: والذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط
، وعن رضي الله تعالى عنهما أنها تضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح. ابن عباس
وقرأ : الأسفلون يرفعهم اللهب والأعلون يحطهم الداخلون فيزدحمون، وقرأ الكلبي «ضيقا» بسكون الياء. ابن كثير
مقرنين حال من ضمير ( ألقوا ) أي إذا ألقوا منها مكانا ضيقا حال كونهم مقرنين قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالجوامع، وقيل: مقرنين مع الشياطين في السلاسل كل كافر مع شيطانه وفي أرجلهم الأصفاد، وحكي عن ، وقرأ الجبائي أبو شيبة صاحب «مقرنون» بالرفع ونسبها معاذ بن جبل ابن خالويه إلى ، ووجهها على ما في البحر كونه بدلا من ضمير ( ألقوا ) بدل نكرة من معرفة معاذ دعوا هنالك أي في ذلك المكان الهائل ثبورا أي هلاكا كما قال الضحاك وهو مفعول ( دعوا ) أي نادوا ذلك فقالوا: يا ثبوراه على معنى احضر فهذا وقتك، وجعل غير واحد النداء بمعنى التمني فيتمنون الهلاك ليسلموا مما هو أشد منه كما قيل أشد من الموت ما يتمنى معه الموت. وقتادة
وجوز نصب ( ثبورا ) على المصدرية لدعوا على معنى دعوا دعاء، وقيل: على المصدرية لفعل محذوف ومفعول أبو البقاء دعوا مقدر أي دعوا من لا يجيبهم قائلين ثبرنا ثبورا وكلا القولين كما ترى، ولا اختصاص لدعاء الثبور بكفرة الإنس فإنه يكون للشيطان أيضا.
أخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في البعث بسند صحيح عن والبيهقي قال: «قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أنس الحديث، إن أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده وهو ينادي يا ثبوراه ويقولون يا ثبورهم حتى يقف على النار: فيقول يا ثبوراه ويقولون يا ثبورهم»
وفي بعض الروايات أن أول من يقول ذلك إبليس ثم يتبعه أتباعه، وظاهره شمول الأتباع كفرة الإنس والجن، ولا يتوهم اختصاص ذلك ببعض كفرة الإنس بناء على ما قيل: إن الآية نزلت في أبي جهل وأصحابه لما لا يخفى، وقوله تعالى: