ومن باب الإشارة ما قيل إن في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين إشارة إلى أنه ينبغي
nindex.php?page=treesubj&link=18466_18465للشيخ إذا أراد تأديب المريد وكسر نفسه الأمارة أن يؤدبه بمحضر طائفة من المريدين الذين لا يحتاجون إلى تأديب.
ومن هنا قال
أبو بكر بن طاهر: لا يشهد مواضع التأديب إلا من لا يستحق التأديب وهم طائفة من المؤمنين لا المؤمنون أجمع، والزنا عندهم إشارة إلى الميل للدنيا وشهواتها، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزاني لا ينكح إلا زانية إلخ. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الخبيثات للخبيثين إلخ إشارة إلى أنه لا ينبغي للأخيار معاشرة الأشرار إن الطيور على أشباهها تقع. وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم إشارة إلى أنه لا ينبغي لمن يشنع عليه المنكرون من المشايخ أن يحزن من ذلك ويظنه شرا له فإنه خير له موجب لترقيه.
وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ولا يأتل أولو الفضل إلخ إشارة إلى أنه ينبغي للشيوخ والأكابر أن لا يهجروا أصحاب العثرات وأهل الزلات من المريدين وأن لا يقطعوا إحسانهم وفيوضاتهم عنهم، وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها إشارة إلى أنه لا ينبغي لمن يريد الدخول على الأولياء أن يدخل حتى يجد روح القبول والإذن بإفاضة المدد الروحاني على قلبه المشار إليه بالاستئناس فإنه قد يكون للولي حال لا يليق للداخل أن يحضره فيه وربما يضره ذلك، وأطرد بعض الصوفية ذلك فيمن
nindex.php?page=treesubj&link=2316يريد الدخول لزيارة قبور الأولياء قدس الله تعالى أسرارهم فقال: ينبغي لمن أراد ذلك أن يقف بالباب على أكمل ما يكون من الأدب ويجمع حواسه ويعتمد بقلبه طالبا الإذن ويجعل شيخه واسطة بينه وبين الولي المزور في ذلك فإن حصل له انشراح صدر ومدد روحاني وفيض باطني فليدخل وإلا فليرجع، وهذا هو المعني بأدب الزيارة عندهم ولم نجد ذلك عن أحد من السلف الصالح. والشيعة عند زيارتهم للأئمة رضي الله تعالى عنهم ينادي أحدهم أأدخل يا أمير المؤمنين أو يا ابن بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام أو نحوه ذلك ويزعمون أن علامة الإذن حصول رقة القلب ودمع العين وهو أيضا مما لم
[ ص: 186 ] نعرفه عن أحد من السلف ولا ذكره فقهاؤنا وما أظنه إلا بدعة ولا يعد فاعلها إلا مضحكة للعقلاء، وكون المزور حيا في قبره لا يستدعي الاستئذان في الدخول لزيارته، وكذا ما ذكره بعض الفقهاء من أنه ينبغي للزائر التأدب مع المزور كما يتأدب معه حيا كما لا يخفى. وقد رأيت بعد كتابتي هذه في الجوهر المنتظم في زيارة القبر المعظم صلى الله تعالى على صاحبه وسلم
لابن حجر المكي ما نصه، قال بعضهم: وينبغي أن يقف- يعني الزائر- بالباب وقفة لطيفة كالمستأذن في الدخول على العظماء انتهى.
وفيه أنه لا أصل لذلك ولا حال ولا أدب يقتضيه انتهى. ومنه يعلم أنه إذا لم يشرع ذلك في
nindex.php?page=treesubj&link=3921_3920زيارة قبره عليه الصلاة والسلام فعدم مشروعيته في زيارة غيره من باب أولى فاحفظ ذاك والله تعالى يعصمنا من البدع وإياك. وقيل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم إلخ إن فيه أمرا بغض بصر النفس عن مشتهيات الدنيا وبصر القلب عن رؤية الأعمال ونعيم الآخرة وبصر السر عن الدرجات والقربات وبصر الروح عن الالتفات إلى ما سوى الله تعالى وبصر الهمة عن أن يرى نفسه أهلا لشهود الحق تنزيها له تعالى وإجلالا، وأمرا بحفظ فرج الباطن عن تصرفات الكونين فيه، والإشارة بأمر النساء بعدم إبداء الزينة إلا لمن استثنى إلى أنه لا ينبغي لمن تزين بزينة الأسرار أن يظهرها لغير المحارم ومن لم يسترها عن الأجانب. وبقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم إلخ إلى النكاح المعنوي وهو أن يودع الشيخ الكامل في رحم القلب من صلب الولاية نطفة استعداد قبول الفيض الإلهي. وقد أشير إلى هذا الاستعداد بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ثم قال جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وليستعفف أي ليحفظ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33الذين لا يجدون شيخا في الحال أرحام قلوبهم عن تصرفات الدنيا والهوى والشيطان
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33حتى يغنيهم الله بأن يوفق لهم شيخا كاملا أو يخصهم سبحانه بجذبة من جذباته، وأشير بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33والذين يبتغون الكتاب إلخ إلى أن المريد إذا طلب الخلاص عن قيد الرياضة لزم إجابته إن علم فيه الخير وهو التوحيد والمعرفة والتوكل والرضا والقناعة وصدق العمل والوفاء بالعهد ووجب أن يؤتي بعض المواهب التي خصها الله تعالى بها الشيخ، وأشير بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33ولا تكرهوا إلخ إلى أن النفس إذا لم تكن مائلة إلى التصرف في الدنيا لم تكره عليه. ولهم في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35الله نور السماوات والأرض كلام طويل عريض وفيما قدمنا ما يصح أن يكون من هذا الباب، وذكر أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله مما يدخل في عمومه أهل الطريقة العلية النقشبندية الذين حصل لهم الذكر القلبي ورسخ في قلوبهم بحيث لا يغفلون عنه سبحانه في حال من الأحوال وهذا وإن ثبت لغيرهم أيضا من أرباب الطرائق فإنما يثبت في النهايات دون المبادي كما يثبت لأهل تلك الطريقة. وفي مكتوبات الإمام الرباني قدس سره ما يغني عن الإطالة في شرح أحوال هؤلاء القوم وبيان منزلتهم في
nindex.php?page=treesubj&link=24582_24407الذكر والحضور بين سائر الأقوام حشرنا الله تعالى وإياهم تحت لواء النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل إن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور إشارة لما
ورد في حديث
«خلق الله تعالى الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه منه اهتدى ومن أخطأه ضل»
والله تعالى الموفق لصالح العمل.
وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ مَا قِيلَ إِنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي
nindex.php?page=treesubj&link=18466_18465لِلشَّيْخِ إِذَا أَرَادَ تَأْدِيبَ الْمُرِيدِ وَكَسْرِ نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ أَنْ يُؤَدِّبَهُ بِمَحْضَرِ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُرِيدِينَ الَّذِينَ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَأْدِيبٍ.
وَمِنْ هُنَا قَالَ
أَبُو بَكْرِ بْنِ طَاهِرٍ: لَا يَشْهَدُ مَوَاضِعَ التَّأْدِيبِ إِلَّا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا الْمُؤْمِنُونَ أَجْمَعَ، وَالزِّنَا عِنْدَهُمْ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَيْلِ لِلدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً إِلَخْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ إِلَخْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْأَخْيَارِ مُعَاشَرَةُ الْأَشْرَارِ إِنَّ الطُّيُورَ عَلَى أَشْبَاهِهَا تَقَعُ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ يُشَنِّعُ عَلَيْهِ الْمُنْكِرُونَ مِنَ الْمَشَايِخِ أَنْ يَحْزَنَ مِنْ ذَلِكَ وَيَظُنَّهُ شَرًّا لَهُ فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَهُ مُوجِبٌ لِتَرَقِّيهِ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ إِلَخْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلشُّيُوخِ وَالْأَكَابِرِ أَنْ لَا يَهْجُرُوا أَصْحَابَ الْعَثَرَاتِ وَأَهْلَ الزَّلَّاتِ مِنَ الْمُرِيدِينَ وَأَنْ لَا يَقْطَعُوا إِحْسَانَهُمْ وَفُيُوضَاتِهِمْ عَنْهُمْ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَدْخُلَ حَتَّى يَجِدَ رُوحَ الْقَبُولِ وَالْإِذْنَ بِإِفَاضَةِ الْمَدَدِ الرُّوحَانِيِّ عَلَى قَلْبِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِالِاسْتِئْنَاسِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْوَلِيِّ حَالٌ لَا يَلِيقُ لِلدَّاخِلِ أَنْ يَحْضُرَهُ فِيهِ وَرُبَّمَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، وَأَطَّرَدَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ ذَلِكَ فِيمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2316يُرِيدُ الدُّخُولَ لِزِيَارَةِ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ فَقَالَ: يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ أَنْ يَقِفَ بِالْبَابِ عَلَى أَكْمَلِ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَدَبِ وَيَجْمَعُ حَوَاسَّهُ وَيَعْتَمِدُ بِقَلْبِهِ طَالِبًا الْإِذْنِ وَيَجْعَلُ شَيْخَهُ وَاسِطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلِيِّ الْمُزَوِّرِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ انْشِرَاحُ صَدْرٍ وَمَدَدٍ رُوحَانِيٍّ وَفَيْضٌ بَاطِنِيٌّ فَلْيَدْخُلْ وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْنِيُّ بِأَدَبِ الزِّيَارَةِ عِنْدَهُمْ وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ. وَالشِّيعَةُ عِنْدَ زِيَارَتِهِمْ لِلْأَئِمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ يُنَادِي أَحَدُهُمْ أَأَدْخُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْ نَحْوُهُ ذَلِكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ عَلَامَةَ الْإِذْنِ حُصُولُ رِقَّةِ الْقَلْبِ وَدَمْعِ الْعَيْنِ وَهُوَ أَيْضًا مِمَّا لَمْ
[ ص: 186 ] نَعْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ وَلَا ذَكَرَهُ فُقَهَاؤُنَا وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا بِدَعَةً وَلَا يُعَدُّ فَاعِلُهَا إِلَّا مُضْحِكَةً لِلْعُقَلَاءِ، وَكَوْنُ الْمُزَوَّرِ حَيًّا فِي قَبْرِهِ لَا يَسْتَدْعِي الِاسْتِئْذَانَ فِي الدُّخُولِ لِزِيَارَتِهِ، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلزَّائِرِ التَّأَدُّبُ مَعَ الْمُزَوَّرِ كَمَا يَتَأَدَّبُ مَعَهُ حَيًّا كَمَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْدَ كِتَابَتِي هَذِهِ فِي الْجَوْهَرِ الْمُنْتَظِمِ فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ الْمُعَظَّمِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى صَاحِبِهِ وَسَلَّمَ
لِابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ مَا نَصَّهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَقِفَ- يَعْنِي الزَّائِرَ- بِالْبَابِ وَقْفَةً لَطِيفَةً كَالْمُسْتَأْذِنِ فِي الدُّخُولِ عَلَى الْعُظَمَاءِ انْتَهَى.
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ وَلَا حَالَ وَلَا أَدَبَ يَقْتَضِيهِ انْتَهَى. وَمِنْهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْرَعْ ذَلِكَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3921_3920زِيَارَةِ قَبْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَعَدَمُ مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي زِيَارَةِ غَيْرِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى فَاحْفَظْ ذَاكَ وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْصِمُنَا مِنَ الْبِدَعِ وَإِيَّاكَ. وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=30قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ إِلَخْ إِنَّ فِيهِ أَمْرًا بِغَضِّ بَصَرِ النَّفْسِ عَنْ مُشْتَهِيَاتِ الدُّنْيَا وَبَصَرِ الْقَلْبِ عَنْ رُؤْيَةِ الْأَعْمَالِ وَنَعِيمِ الْآخِرَةِ وَبَصَرِ السِّرِّ عَنِ الدَّرَجَاتِ وَالْقُرُبَاتِ وَبَصَرِ الرُّوحِ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى وَبَصِرِ الْهِمَّةِ عَنْ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ أَهْلًا لِشُهُودِ الْحَقِّ تَنْزِيهًا لَهُ تَعَالَى وَإِجْلَالًا، وَأَمْرًا بِحِفْظِ فَرْجِ الْبَاطِنِ عَنْ تَصَرُّفَاتِ الْكَوْنَيْنِ فِيهِ، وَالْإِشَارَةُ بِأَمْرِ النِّسَاءِ بِعَدَمِ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ إِلَّا لِمَنِ اسْتَثْنَى إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ تَزَيَّنَ بِزِينَةِ الْأَسْرَارِ أَنْ يُظْهِرَهَا لِغَيْرِ الْمَحَارِمِ وَمَنْ لَمْ يَسْتُرْهَا عَنِ الْأَجَانِبِ. وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ إِلَخْ إِلَى النِّكَاحِ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ أَنْ يُوَدِّعَ الشَّيْخَ الْكَامِلَ فِي رَحِمِ الْقَلْبِ مِنْ صُلْبِ الْوِلَايَةِ نُطْفَةَ اسْتِعْدَادِ قَبُولِ الْفَيْضِ الْإِلَهِيِّ. وَقَدْ أُشِيرُ إِلَى هَذَا الِاسْتِعْدَادِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلْيَسْتَعْفِفِ أَيْ لِيُحْفَظْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33الَّذِينَ لا يَجِدُونَ شَيْخًا فِي الْحَالِ أَرْحَامُ قُلُوبِهِمْ عَنْ تَصَرُّفَاتِ الدُّنْيَا وَالْهَوَى وَالشَّيْطَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ بِأَنْ يُوَفِّقَ لَهُمْ شَيْخًا كَامِلًا أَوْ يَخُصُّهُمْ سُبْحَانَهُ بِجَذْبَةٍ مِنْ جَذَبَاتِهِ، وَأُشِيرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ إِلَخْ إِلَى أَنَّ الْمُرِيدَ إِذَا طَلَبَ الْخَلَاصَ عَنْ قَيْدِ الرِّيَاضَةِ لَزِمَ إِجَابَتَهُ إِنْ عُلِمَ فِيهِ الْخَيْرُ وَهُوَ التَّوْحِيدُ وَالْمَعْرِفَةُ وَالتَّوَكُّلُ وَالرِّضَا وَالْقَنَاعَةُ وَصِدْقُ الْعَمَلِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَوَجَبَ أَنْ يُؤْتِيَ بَعْضُ الْمَوَاهِبِ الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الشَّيْخُ، وَأُشِيرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33وَلا تُكْرِهُوا إِلَخْ إِلَى أَنَّ النَّفْسَ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَائِلَةً إِلَى التَّصَرُّفِ فِي الدُّنْيَا لَمْ تُكْرَهْ عَلَيْهِ. وَلَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كَلَامٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ وَفِيمَا قَدَّمْنَا مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ أَهْلُ الطَّرِيقَةِ الْعَلِيَّةِ النَّقْشَبَنْدِيَّةِ الَّذِينَ حَصَلَ لَهُمُ الذِّكْرُ الْقَلْبِيُّ وَرَسَخَ فِي قُلُوبِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَغْفُلُونَ عَنْهُ سُبْحَانَهُ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَهَذَا وَإِنْ ثَبَتَ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا مِنْ أَرْبَابِ الطَّرَائِقِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي النِّهَايَاتِ دُونَ الْمُبَادِي كَمَا يَثْبُتُ لِأَهْلِ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ. وَفِي مَكْتُوبَاتِ الْإِمَامِ الرَّبَّانِيِّ قَدَّسَ سِرَّهُ مَا يُغْنِي عَنِ الْإِطَالَةِ فِي شَرْحِ أَحْوَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَبَيَانِ مَنْزِلَتِهِمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24582_24407الذِّكْرِ وَالْحُضُورِ بَيْنَ سَائِرِ الْأَقْوَامِ حَشَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاهُمْ تَحْتَ لِوَاءِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ إِشَارَةٌ لِمَا
وَرَدَ فِي حَدِيثِ
«خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ فِي ظُلْمَةٍ ثُمَّ رَشَّ عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْهُ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ»
وَاللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفَّقُ لِصَالِحِ الْعَمَلِ.