ثم أنشأنا من بعدهم أي من بعد إهلاك قوم نوح عليه السلام قرنا آخرين هم عاد أو ثمود فأرسلنا فيهم رسولا منهم هو هود أو صالح عليهما السلام، والأول هو المأثور عن رضي الله تعالى عنهما وإليه ذهب أكثر المفسرين، وأيد بقوله تعالى حكاية عن ابن عباس هود واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح [الأعراف: 69] وبمجيء قصة عاد بعد قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود وغيرهما واختار أبو سليمان الدمشقي الثاني واستدلا عليه بذكر الصيحة آخر القصة والمعروف أن قوم والطبري صالح هم المهلكون بها دون قوم هود، وسيأتي الجواب عنه إن شاء الله تعالى، وجعل القرن ظرفا للإرسال كما في قوله تعالى: كذلك أرسلناك [ ص: 29 ] في أمة [الرعد: 30] لا غاية له كما في قوله تعالى: لقد أرسلنا نوحا إلى قومه للإيذان من أول الأمر أن من أرسل إليهم لم يأتهم من غير مكانهم بل إنما نشأ فيما بين أظهرهم، ( وأن ) في قوله تعالى: أن اعبدوا الله مفسرة لتضمن الإرسال معنى القول أي قلنا لهم على لسان الرسول اعبدوا الله، وجوز كونها مصدرية ولا مانع من وصلها بفعل الأمر وقبلها جار مقدر أي أرسلنا فيهم رسولا بأن اعبدوا الله وحده (ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ) الكلام فيه كالكلام في نظيره المار في قصة نوح عليه السلام .