وآتينا موسى الكتاب أي التوراة، وجعلناه أي الكتاب، وهو الظاهر أو موسى عليه السلام، هدى عظيما لبني إسرائيل متعلق بهدى أو بجعل، واللام تعليلية، والواو استئنافية، أو عاطفة على جملة سبحان الذي أسرى لا على: أسرى كما نقله في البحر عن العكبري.
وحكي نظيره عن لبعده وتكلفه، وعقب آية الإسراء بهذه استطرادا تمهيدا لذكر القرآن، والجامع أن ابن عطية موسى عليه السلام أعطي التوراة بمسيره إلى الطور وهو بمنزلة معراجه؛ لأنه منح ثمت التكليم وشرف باسم الكليم، وطلب الرؤية مدمجا فيه تفاوت ما بين الكتابين، ومن أنزلا عليه، وإن شئت فوازن بين: أسرى بعبده وآتينا موسى وبين: هدى لبني إسرائيل و يهدي للتي هي أقوم .
ألا تتخذوا أي: أن لا تتخذوا على أن (أن) تفسيرية و (لا) ناهية، والتفسير كما قال لما تضمنه الكتاب من الأمر والنهي، وقيل: لمحذوف، أي: آتينا أبو البقاء موسى كتابة شيء هو: لا تتخذوا، والكتاب وإن كان المراد به التوراة فهو مصدر في الأصل، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر.
وجوز في البحر أن تكون أن مصدرية، والجار قبلها محذوف، ولا نافية، أي: لئلا تتخذوا، وقيل: يجوز أن تكون أن وما بعدها في موضع البدل من ( الكتاب ) وجوز أن تكون زائدة و «لا تتخذوا» معمول لقول محذوف ولا فيه للنهي، أي: قلنا: لا تتخذوا. وتعقبه أبو البقاء بأن هذا الموضع ليس من مواضع زيادة أن. أبو حيان
وكذا جوز أن تكون لا زائدة كما في قوله تعالى: ما منعك ألا تسجد والتقدير: كراهة أن تتخذوا، ولا يخفى ما فيه.
وقرأ ابن عباس ومجاهد وعيسى وأبو رجاء من السبعة: (أن لا يتخذوا) بياء الغيبة، وجعل غير واحد (أن) على ذلك مصدرية، ولم يذكروا فيها احتمال كونها مفسرة، وقال وأبو عمرو شيخ زاده: لا وجه لأن تكون أن مفسرة على القراءة بياء الغيبة؛ لأن ما في حيز المفسرة مقول من حيث المعنى والذي يلقى إليه القول لا بد أن يكون مخاطبا كما لا وجه لكونها مصدرية على قراءة الخطاب؛ لأن بني إسرائيل غيب فتأمل. والجار [ ص: 15 ] عندهم على كونها مصدرية محذوف، أي: لأن لا يتخذوا من دوني وكيلا أي: ربا تكلون إليه أموركم غيري، فالوكيل فعيل بمعنى مفعول، وهو الموكول إليه، أي المفوض إليه الأمور وهو الرب، قال قيل للرب وكيل لكفايته وقيامه بشؤون عباده لا على معنى ارتفاع منزلة الموكل وانحطاط أمر الوكيل ( ومن ) سيف خطيب، ودون بمعنى غير، وقد صرح بمجيئها كذلك في غير موضع وهي مفعول ثان لتتخذوا و ابن الجوزي: وكيلا الأول.
وجوز أن تكون من تبعيضية، واستظهر الأول، والمراد النهي عن الإشراك به تعالى: