الذين كفروا في أنفسهم وصدوا غيرهم عن سبيل الله بمنع من يريد الإسلام عنه وبحمل من استخفوه على الكفر فالصد عن السبيل أعم من المنع عنه ابتداء وبقاء كذا قيل: والظاهر الأول، والظاهر أن الموصول مبتدأ، وقوله تعالى: زدناهم عذابا فوق العذاب خبره، وجوز كون الموصول بدلا من فاعل ( يفترون ) ويكون ابن عطية زدناهم مستأنفا، وجوز بعضهم كون الأول نصبا على الذم أو رفعا عليه فيضمر الناصب والمبتدأ وجوبا وزدناهم بحاله، وهذه الزيادة إما بالشدة أو بنوع آخر من العذاب والثاني هو المأثور، فقد أخرج ابن مردويه عن والخطيب البراء أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سئل عن ذلك فقال: «عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم في جهنم» وروى نحوه وصححه الحاكم وغيره عن ابن مسعود. والبيهقي
وأخرج عن ابن أبي حاتم أنه قال: إن أهل النار إذا جزعوا من حرها استغاثوا بضحضاح في النار فإذا أتوه تلقاهم عقارب كأنهن البغال الدهم وأفاعي كأنهن البخاتي فتضربهم فذلك الزيادة، وعن السدي أنها أنهار من صفر مذاب يسيل من تحت العرش يعذبون بها، وعن ابن عباس يخرجون من حر النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة برده إلى النار الزجاج بما كانوا يفسدون متعلق- بزدناهم- أي زدناهم عذابا فوق العذاب الذي يستحقونه بكفرهم بسبب استمرارهم على الإفساد وهو الصد عن السبيل، وجوز أن يفسر ذلك بما هو أعم من الكفر والصد، والمعنى زدناهم عذابا فوق عذابهم الذي يستحقونه بمجرد الكفر والصد بسبب استمرارهم على هذين الأمرين القبيحين، ووجه ذلك أن البقاء على المعصية يومين مثلا أقبح من البقاء عليها يوما والبقاء ثلاثة أيام أقبح من البقاء يومين وهكذا، ومن هنا قالوا: الإصرار على الصغيرة كبيرة، وقيل: إن أهل جهنم يستحقون من العذاب مرتبة مخصوصة هي ما يكون لهم أول دخولها والزيادة عليها إنما هي لحفظها إذ لو لم تزد لألفوها وطابت أنفسهم بها كمن وضع يده في ماء حار مثلا فإنه يجد أول زمان وضعها ما لا يجده بعد مضي ساعة وهو كما ترى.