وعن أن العصبة ما زاد على العشرة، وفي رواية عنه أنها ما بين العشرة والأربعين، وعن ابن عباس أنها من عشرة إلى خمسة عشرة. مجاهد
وعن هي عشرة، وعن مقاتل ستة أو سبعة، وقيل: ما بين الواحد إلى العشرة، وقيل: إلى خمسة عشر، وعن ابن جبير ابن زيد، والزجاج وابن قتيبة هي الجماعة مطلقا ولا واحد لها من لفظها كالنفر والرهط، وقيل: الثلاثة نفر وإذا زادوا فهم رهط إلى التسعة فإذا زادوا فهم عصبة، ولا يقال لأقل من عشرة: عصبة، وروى النزال بن سبرة عن كرم الله تعالى وجهه أنه قرأ بنصب (عصبة) فيكون الخبر محذوفا، وعصبة حال من الضمير فيه أي نجتمع عصبة، وقدر ذلك ليكون في الحال دلالة على الخبر المحذوف لما فيها من معنى الاجتماع. علي
[ ص: 190 ] وزعم ابن المنير أن الكلام على طريقة: أنا أبو النجم وشعري شعري، والتقدير ونحن نحن عصبة، وحذف الخبر لمساواته المبتدأ وعدم زيادته عليه لفظا ففي حذفه خلاص من تكرار اللفظ بعينه مع دلالة السياق على المحذوف، ولا غرو في وقوع الحال بعد نحن لأنه بالتقدير المذكور كلام تام فيه من الفخامة ما فيه وقدر في هن أطهر لكم على قراءة النصب مثل ذلك، وفيه أن الفخامة إنما تجيء من التكرار فلا يجوز الحذف على أن الدلالة على المحذوف غير بينة.
وعن أن ذلك كما تقول العرب: إنما العامري عمته أي يتعهد ذلك، والدال على المحذوف فيه عمته فإن الفعلة للحالة التي يستمر عليها الشخص فيلزم لا محالة تعهده لها، والأولى أن يعتبر نظير قول ابن الأنباري الفرزدق:
يا لهذم حكمك مسمطا، فإنه أراد كما قال حكمك لك مسمطا، أي مثبت نافذ غير مردود، وقد شاع هذا فيما بينهم لكن ذكروا أن فيه شذوذا من وجهين، والآية على قراءة الأمير كرم الله تعالى وجهه أكثر شذوذا منه كما لا يخفى على المتدرب في علم العربية المبرد: إن أبانا أي في ترجيحهما علينا في المحبة مع فضلنا عليهما وكونهما بمعزل عن كفاية الأمور لفي ضلال أي خطأ في الرأي وذهاب عن طريق التعديل اللائق من تنزيل كل منا منزلته مبين ظاهر الحال، وجعل الضلال ظرفا لتمكنه فيه، ووصفه بالمبين إشارة إلى أن ذلك غير مناسب بزعمهم والتأكيد لمزيد الاعتناء، يروى أنه عليه السلام كان أحب إليه لما يرى فيه من أن المخايل وكانت إخوته يحسدونه فلما رأى الرؤيا تضاعفت له المحبة فكان لا يصبر عنه ويضمه كل ساعة إلى صدره، ولعله أحس قلبه بالفراق فتضاعف لذلك حسدهم حتى حملهم على ما قص الله تعالى عنهم، وقال بعضهم: إن سبب زيادة حبه عليه السلام ليوسف وأخيه صغرهما وموت أمهما، وحب الصغير أمر مركوز في فطرة البشر فقد قيل لابنة أي بنيك أحب إليك؟ قالت: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يشفى، وقد نظم بعض الشعراء في محبة الولد الصغير قديما وحديثا، ومن ذلك ما قاله الحسن: الوزير أبو مروان عبد الملك بن إدريس الجزيري من قصيدة بعث بها إلى أولاده وهو في السجن.
وصغيرهم عبد العزيز فإنني أطوي لفرقته جوى لم يصغر ذاك المقدم في الفؤاد وإن غدا
كفأ لكم في المنتمى والعنصر إن البنان الخمس أكفاء معا
والحلي دون جميعها للخنصر وإذا الفتى فقد الشباب سما له
حب البنين ولا كحب الأصغر
وفيه أن منشأ زيادة الحب لو كانت ما ذكر لكان بنيامين أوفر حظا في ذلك لأنه أصغر من يوسف عليه السلام كما يدل عليه قولهم: إن أمهما ماتت في نفاسه، والآية كما أشرنا إليه مشيرة إلى أن محبته لأجل شقيقه يوسف، فالذي ينبغي أن يعول عليه أنه عليه السلام إنما أحبه أكثر منهم لما رأى فيه من مخايل الخير ما لم ير فيهم وزاد ذلك الحب بعد الرؤيا لتأكيدها تلك الأمارات عنده ولا لوم على الوالد في تفضيله بعض ولده على بعض في المحبة لمثل ذلك، وقد صرح غير واحد أن المحبة ليست مما تدخل تحت وسع البشر، والمرء معذور فيما لم يدخل تحته، نعم ظن أبناؤه أن ما كان منه عليه السلام إنما كان عن اجتهاد، وأنه قد أخطأ في ذلك والمجتهد يخطئ ويصيب وإن كان نبيا، وبهذا ينحل ما قيل: إنهم إن كانوا قد آمنوا بكون أبيهم رسولا حقا من عند الله تعالى فكيف اعترضوا [ ص: 191 ] وكيف زيفوا طريقته وطعنوا فيما هو عليه، وإن كانوا مكذبين بذلك فهو يوجب كفرهم والعياذ بالله تعالى وهو مما لم يقل به أحد ووجه الانحلال ظاهر