وجوز أن يكون للمتبعين للجبارين منهم، وما حال قوم قدامهم الجبارون أهل النار وخلفهم اللعنة والبوار، ويعلم من لعنة هؤلاء لعنة غيرهم المتبوعين على ما قيل بالطريق الأولى ويوم القيامة أي وأتبعوا يوم القيامة أيضا لعنة وهي عذاب النار المخلد حذف ذلك لدلالة الأول عليه وللإيذان بأن كلا من اللعنين نوع برأسه لم يجتمعا في قرن واحد بأن يقال: وأتبعوا في هذه الدنيا ويوم القيامة لعنة، ونظير هذا قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة وعبر -بيوم القيامة- بدل الآخرة هنا للتهويل الذي يقتضيه المقام.
ألا إن عادا كفروا ربهم أي بربهم، أو كفروا نعمته ولم يشكروها بالإيمان، أو جحدوه ألا بعدا لعاد دعاء عليهم بالهلاك مع أنهم هالكون أي هلاك تسجيلا عليهم باستحقاق ذلك والاستئهال له، ويقال في الدعاء بالبقاء واستحقاقه: لا يبعد فلان، وهو في كلام العرب كثير، ومنه قوله:
لا يبعدن قومي الذين هم سم العداة وآفة الجزر
وجوز أن يكون دعاء باللعن كما في القاموس: البعد والبعاد اللعن، واللام للبيان كما في قولهم: سقيا لك، وقيل: للاستحقاق وليس بذاك، وتكرير حرف التنبيه وإعادة عاد للمبالغة في تفظيع حالهم والحث على الاعتبار بقصتهم، وقوله سبحانه: قوم هود عطف بيان على (عاد) وفائدته الإشارة إلى أن عادا كانوا فريقين: عادا الأولى وعادا الثانية، وهي عاد إرم في قول، وذكر في الفجر أن عقب الزمخشري عاد بن عوص [ ص: 88 ] ابن إرم بن سام بن نوح قيل لهم: عاد كما يقال لبني هاشم: هاشم، ثم قيل: للأولين منهم عاد الأولى وإرم تسمية لهم باسم جدهم، ولمن بعدهم عاد الأخيرة، وأنشد لابن الرقيات:مجدا تليدا بناه أوله أدرك عادا وقبلها إرما