ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام
وقيل : على التشبيه بالمفعول به، واعترض الجميع قائلا : إن التضمين والنصب بنزع الخافض لا ينقاسان، وإن التشبيه بالمفعول به مخصوص عند الجمهور بالصفة، كما قيل به في البيت، وأن البصريين منعوا مجيء التمييز معرفة، فالحق الذي لا ينبغي أن يتعدى، القول بالتعدي، (ومن) إما موصولة أو موصوفة في محل الرفع على المختار بدلا من الضمير في يرغب، لأنه استثناء من غير موجب، وسبب نزول الآية ما روي أن أبو حيان عبد الله [ ص: 388 ] ابن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرا إلى الإسلام فقال لهما : قد علمتما أن الله تعالى قال في التوراة : إني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد، فمن آمن به فقد اهتدى ورشد، ومن لم يؤمن به فهو ملعون، فأسلم سلمة وأبى مهاجر، فنزلت، ولقد اصطفيناه في الدنيا أي اخترناه بالرسالة بتلك الملة واجتبيناه من بين سائر الخلق، وأصله اتخاذ صفوة الشيء، أي خالصه، وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي المشهود لهم بالثبات على الاستقامة، والخير والصلاح، والجملة معطوفة على ما قبلها، وذلك من حيث المعنى دليل مبين لكون الراغب عن ملة إبراهيم سفيها، إذ الاصطفاء والعز في الدنيا غاية المطالب الدنيوية، والصلاح جامع للكمالات الأخروية، ولا مقصد للإنسان الغير السفيه سوى خير الدارين، وأما من حيث اللفظ فيحتمل أن يكون حالا مقررة لجهة الإنكار، واللام لام الابتداء، أي أيرغب عن ملته، ومعه ما يوجب عكس ذلك، وهو الظاهر لفظا لعدم الاحتياج إلى تقدير القسم، وارتضاه ويحتمل أن يكون عطفا على ما قبله، أو اعتراضا بين المعطوفين، واللام جواب القسم المقدر، وهو الظاهر معنى، لأن الأصل في الجمل الاستقلال، ولإفادة زيادة التأكيد المطلوب في المقام والإشعار بأن المدعي لا يحتاج إلى البيان، والمقصود مدحه عليه السلام، وإيراد الجملة الأولى ماضوية لمضيها من وقت الإخبار، والثانية اسمية لعدم تقييدها بالزمان، لأن انتظامه في زمرة صالحي أهل الآخرة أمر مستمر في الدارين، لا أنه يحدث في الآخرة، والتأكيد بإن، واللام لما أن الأمور الأخروية خفية عند المخاطبين، فحاجتها إلى التأكيد أشد من الأمور التي نشاهد آثارها، وكلمة (في) متعلقة (بالصالحين)، على أن أل فيه للتعريف لا موصولة، ليلزم تقديم بعض الصلة عليها، على أنه قد يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره، أو بمحذوف، أي صالح، أو أعني، وجعله متعلقا (باصطفيناه)، وفي الآية تقديم وتأخير، أو بمحذوف حالا من المستكن في الوصف بعيد. الرضي،