nindex.php?page=treesubj&link=28644_28657_32412_34082_34173_34513_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك منصوب بمضمر على طرز ما سلف في نظائره، وهو معطوف على ما قبل مسوق لإلزام اليهود بمقتضى الميثاق العام؛ فإن منهم من أشرك فقال: عزير ابن الله، عز اسمه بعد إلزامهم بالميثاق المخصوص بهم والاحتجاج عليهم بالحجج السمعية والعقلية ومنعهم عن التقليد، وبعضهم جوز أن يكون تذييلا تعميما بعد التخصيص وإظهارا لتمادي هؤلاء اليهود في الغي بعد أخذ الميثاق الخاص المدلول عليه بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=171وإذ نتقنا الجبل لقوله جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=63وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور في سورة البقرة، وعليه فلا عطف وهو أظهر من التذييل نظرا إلى ظاهر اللفظ وأولى منه إذا خص العام بالمشركين كما قيل، وقد يقال: إن الآية مسوقة لبيان أخذ ميثاق سابق من جميع الخلق مؤمنهم
[ ص: 100 ] وكافرهم قبل هذه النشأة بما هو أهم الأمور والأصل الأصيل لجميع التكليفات على وجه خال مما يشبه الإكراه متضمن لزام المشركين المعاصرين له صلى الله تعالى عليه وسلم ورفع احتجاجهم ما كانوا بعد الإشارة إلى أخذ ميثاق من قوم مخصوصين في هذه النشأة على وجه هو أشبه الأشياء بالإكراه بما الظاهر فيه أنه من الأعمال؛ لأن القوم إذ ذاك كانوا مقرين بالربوبية بل بها وبرسالة
موسى عليه السلام، فلم يكن حاجة إلى نتق الجبل فوقهم لذلك ولو قال قائل: إن ذكر ذلك خلال الآيات المتعلقة باليهود من باب الاستطراد، والمناسبة فيه ظاهرة لم يبعد، لكن الأول وهو الذي جرى عليه أكثر متأخري المفسرين أي: واذكر لهم أو للناس إذ أخذ ربك
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172من بني آدم المراد بهم الذين ولد لهم مؤمنين كانوا أو كفارا نسلا بعد نسل سوى من لم يولد له بسبب من الأسباب، وتخصيصهم بأسلاف اليهود الذين أشركوا بالله تعالى حيث قالوا مما لا يكاد يلتفت إليه.
وإيثار الأخذ على الإخراج للإيذان بشأن المأخوذ إذ ذاك لما فيه من الإنباء عن الاجتباء والاصطفاء وهو السبب في إسناده إلى اسم الرب بطريق الالتفات مع ما فيه من التمهيد للاستفهام الآتي، وإضافته إلى ضميره عليه الصلاة والسلام للتشريف، وقيل: إن إيثار الأخذ على الإخراج لمناسبة ما تضمنته الآية من الميثاق، فإن الذي يناسبه هو الأخذ دون الإخراج، والتعير بالرب لما أن ذلك الأخذ باعتبار ما يتبعه من آثار الربوبية، واستأنس بعضهم بمغايرة أسلوب هذا الكلام بما فيه من الالتفات لما قبله من قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=171وإذ نتقنا ولما بعده من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا لكونه استطراديا، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172من ظهورهم بدل من بني
آدم بدل البعض من الكل بتكرير الجار كما في قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75للذين استضعفوا لمن آمن وقيل: بدل اشتمال، وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء، وبينه بعضهم بأن بدل الاشتمال ما يكون بينه وبين المبدل منه ملابسة بحيث توجب النسبة إلى المتبوع إلى التابع إجمالا نحو: أعجبني زيد علمه؛ فإنه يعلم ابتداء أن زيدا معجب باعتبار صفاته لا باعتبار ذاته، وتتضمن نسبة الإعجاب إليه نسبته إلى صفة من صفاته إجمالا، ونسبة الأخذ الذي هو بمعنى الإخراج هنا إلى بني
آدم نسبة إلى ظهورهم إجمالا؛ لأنه يعلم ابتداء أن بني
آدم ليسوا مأخوذين باعتبار ذواتهم بل باعتبار أجسادهم وأعضائهم، وتتضمن الأخذ إليهم نسبته إلى أعضائهم إجمالا، وادعى أن القول به أولى من القول ببدل البعض؛ لأن النسبة إلى المبدل منه الكل تكون تامة وتحصل بها الفائدة بدون ذكر البدل نحو: أكلت الرغيف نصفه، فإن النسبة تامة لو لم يذكر النصف، ولا شك أن النسبة هنا ليست تامة بدون ذكر البدل.
وأيضا أن الظهور ليس بعض بني
آدم حقيقة، بل بعض أعضائهم ولا يخفى ما في ذلك من النظر. و (من) في الموضعين ابتدائية، وفيه مزيد تقرير لابتنائه على البيان بعد الإبهام والتفصيل غب الإجمال، قيل: وتنبيه على أن الميثاق قد أخذ منهم وهم في أصلاب الآباء ولم يستودعوا في أرحام الأمهات. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ذريتهم مفعول (أخذ) أخر عن المفعول بواسطة الجار لاشتماله على ضمير راجع إليه فيلزم بالتقديم رجوع الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة وهو لا يجوز إلا في مواضع ليس هذا منها، ولمراعاة أصالته ومنشئيته ولما مر غير مرة من التشويق إلى المؤخر. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب: (ذرياتهم) والمراد أولادهم على العموم، ومن خص بني
آدم بأسلاف اليهود على ما مر خص هذا بأخلافهم وفيه ما فيه، والإشكال المشهور وهو أن كل الناس يصدق عليه بنو
آدم وذريته فيتحد المخرج والمخرج منه مدفوع بظهور أن المراد إخراج
[ ص: 101 ] الفروع من الأصول حسب ترتب الولادة ولا يتوقف التخلص عنه على القول بذلك التخصيص.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وأشهدهم على أنفسهم أي: أشهد كل واحد من أولئك الذرية المأخوذين من ظهور آبائهم على أنفسهم لا على غيرهم تقريرا لهم بربوبيته سبحانه وتعالى التامة قائلا لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم أي: مالك أمركم ومربيكم على الإطلاق من غير أن يكون لأحد مدخل في شأن من شؤونكم
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172قالوا في جوابه سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172بلى شهدنا أي: على أنفسنا بأنك ربنا لا رب لنا غيرك، والمراد: أقررنا بذلك. وجاء أن
القاضي شريحا قال لمقر عنده شهد عليك ابن أخت خالتك، ومن هناك قال
الجلال السيوطي: إن هذه الآية أصل في الإقرار، و (بلى) حرف جواب، وألفها أصلية عند الجمهور، وقال جمع: الأصل بل، والألف زائدة، وبعض أولئك يقول: إنها لتأنيث الكلمة كالتاء في ثمت وربت؛ لأنها أميلت ولو لم تكن للتأنيث لكانت زائدة لمجرد التكثير كألف قبعثرى وتلك لا تمال، وتختص بالنفي فلا تقع إلا في جوابه فتفيد إبطاله سواء كان مجردا أو مقرونا بالاستفهام حقيقيا كان أو تقريريا، وقد أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى كما في هذه الآية، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره: لو قالوا: نعم لكفروا. ووجهه أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب، ولذلك قال جماعة من الفقهاء: لو قال: أليس لي عليك ألف؟ فقال: بلى لزمته، ونعم لا. وقال آخرون: تلزمه فيهما وجروا فيه على مقتضى العرف لا اللغة.
ونازع
السهيلي وجماعة في المحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11الحبر وغيره متمسكين بأن الاستفهام التقريري موجب ولذلك امتنع
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه من جعل (أم) متصلة على ما قيل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51أفلا تبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أم أنا خير من فإنها لا تقع بعد الإيجاب، وإذا ثبت أنه إيجاب فنعم بعد الإيجاب تصديق له، قال
ابن هشام: ويشكل عليهم أن بلى لا يجاب بها الإيجاب؛ وذلك متفق عليه،
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بلى قد جاءتك آياتي متقدم فيه ما يدل على النفي لكن وقع في الحديث ما يقتضي أنها يجاب بها الاستفهام المجرد، ففي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال لأصحابه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657333«أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى».
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658382«أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له المجيب: بلى».
وليس لهؤلاء أن يحتجوا بذلك؛ لأنه قليل فلا يتخرج عليه التنزيل. انتهى. وأجاب
البدر الدماميني بأنه لا إشكال في الحقيقة؛ فإن هؤلاء راعوا صورة النفي المنطوق به فيجاب ببلى حيث يراد إبطال النفي الواقع بعد الهمزة، وجوزوا الجواب بنعم على أنه تصديق لمضمون الكلام جميعه، الهمزة ومدخولها وهو إيجاب كما سلف ودعواه الاتفاق مناقش فيها، أما إن أراد الإيجاب المجرد من النفي بالمرة فقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرضي الخلاف فيه، وذكر أن بعضهم أجاز استعمالها بعده تمسكا بقوله:
وقد بعدت بالوصل بيني وبينها بلى إن من زار القبور ليبعدا
وإن أراد ما هو الأعم حتى يشمل التقرير المصاحب للنفي فالخلاف فيه موجود مشهور ذكره هو في حرف النون. انتهى. ولا يخفى أن البيت شاذ كما صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرضي، والمذكور في بحث النون أن جماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم
الشلوبين قالوا: إنه إذا كان قبل النفي استفهام فإن كان على حقيقته فجوابه كجواب النفي المجرد وإن كان مرادا به التقرير فالأكثر أن يجاب بما يجاب به النفي رعيا للفظه، ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بما يجاب به الإيجاب رعيا لمعناه، وعلى ذلك قول الأنصار للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم: نعم، وقد قال لهم: ألستم ترون لهم ذلك؟ وقول
جحدر: [ ص: 102 ] أليس الليل يجمع أم عمرو وإيانا فذاك بنا تداني
نعم وأرى الهلال كما تراه ويعلوها النهار كما علاني
وعلى ذلك جرى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه، وقال
ابن عصفور: أجرت العرب التقرير في الجواب مجرى النفي المحض وإن كان إيجابا في المعنى، فإذا قيل: ألم أعطك درهما؟ قيل في تصديقه: نعم. وفي تكذيبه: بلى. وذلك لأن المقرر قد يوافقك فيما تدعيه وقد يخالفك فإذا قال: نعم لم يعلم هل أراد نعم لم تعطني على اللفظ أو نعم أعطيتني على المعنى؛ فلذلك أجابوه على اللفظ ولم يلتفتوا إلى المعنى، وأما نعم في بيت
جحدر فجواب لغير مذكور، وهو ما قدره اعتقاده من أن الليل يجمعه
وأم عمرو وجاز ذلك لأمن اللبس لعلمه أن كل أحد يعلم أن الليل يجمعه مع
أم عمرو، أو هو جواب لقوله: وأرى الهلال قدم عليه، وأما قول الأنصار فجاز لأمن اللبس؛ لأنه قد علم أنهم يريدون نعم يعرف لهم ذلك، وعلى هذا يحمل استعمال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لها بعد التقرير. انتهى.
والأحسن أن تكون نعم في البيت جوابا لقوله: فذاك بنا تداني، ثم قال
ابن هشام: ويتحرر على هذا أنه لو أجيب:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم بنعم لم يكف في الإقرار لأنه سبحانه وتعالى أوجب في الإقرار بما يتعلق بالربوبية ما لا يحتمل غير المعنى المراد من المقر، ولهذا لا يدخل في الإسلام بقوله: لا إله إلا الله، برفع إله لاحتماله لنفي الوحدة، ولعل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إنما قال: إنهم لو قالوا: نعم لم يكن إقرارا وافيا، وجوز
الشلوبين أن يكون مراده رضي الله تعالى عنه أنهم لو قالوا: نعم جوابا للملفوظ على ما هو الأفصح لكان كفرا إذ الأصل تطابق السؤال والجواب لفظا، وفيه نظر؛ لأن التكفير لا يكون بالاحتمال، والكلام عند جمع تمثيل لخلقه تعالى الخلق جميعا في مبدأ الفطرة مستعدين للاستدلال بالأدلة الآفاقية والأنفسية المؤدية إلى التوحيد كما نطق به قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651296«كل مولود يولد على الفطرة» الحديث.
مبني على تشبيه الهيئة المنتزعة من تعريضه سبحانه وتعالى إياهم لمعرفة ربويته ووحدانيته بعد تمكينهم منها بما ركز فيهم من العقول والبصائر ونصب لهم في الآفاق والأنفس من الدلائل تمكينا تاما ومن تمكنهم منها تمكنا كاملا وتعرضهم لها تعرضا قويا بهيئة منتزعة من حمله تعالى إياهم على الاعتراف بها بطريق الأمر ومن مسارعتهم إلى ذلك من غير تلعثم أصلا من غير أن يكون هناك أخذ وإشهاد وسؤال وجواب، ونظير ذلك في قول ما في قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ومن ذلك سائر ما يحكى عن الحيوان والجماد كقوله:
شكا إلي جملي طول السرى مهلا رويدا فكلانا مبتلى
وقوله:
امتلأ الحوض وقال قطني مهلا رويدا قد ملأت بطني
وجعلوا قوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أن تقولوا من تلوين الخطاب وصرفه عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى معاصريه من اليهود تشديدا في الإلزام أو إليهم وإلى متقدميهم بطريق التغليب وهو مفعول له لما قبله من الأخذ والإشهاد أو لمقدر يدل عليه ذلك، والمعنى على ما يقول البصريون: فعلنا ما فعلنا كراهة أن تقولوا. وعلى ما يقول الكوفيون: لئلا تقولوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172يوم القيامة عند ظهور الأمر وإحاطة العذاب بمن أشرك:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172إنا كنا عن هذا أي: وحدانية الربوبية
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172غافلين لم ننبه عليه، وإنما لم يسعهم هذا الاعتذار
[ ص: 103 ] حينئذ على ما قيل لأنهم نبهوا بنصب الأدلة وجعلوا متهيئين تهيؤا تاما لتحقيق الحق وإنكار ذلك مكابرة فكيف يمكنهم أن يقولوا ذلك.
nindex.php?page=treesubj&link=28644_28657_32412_34082_34173_34513_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مَنْصُوبٌ بِمُضْمَرٍ عَلَى طَرْزِ مَا سَلَفَ فِي نَظَائِرِهِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلُ مَسُوقٌ لِإِلْزَامِ الْيَهُودِ بِمُقْتَضَى الْمِيثَاقِ الْعَامِّ؛ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَشْرَكَ فَقَالَ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، عَزَّ اسْمُهُ بَعْدَ إِلْزَامِهِمْ بِالْمِيثَاقِ الْمَخْصُوصِ بِهِمْ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَجِ السَّمْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ وَمَنْعِهِمْ عَنِ التَّقْلِيدِ، وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ تَذْيِيلًا تَعْمِيمًا بَعْدَ التَّخْصِيصِ وَإِظْهَارًا لِتَمَادِي هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ فِي الْغَيِّ بَعْدَ أَخْذِ الْمِيثَاقِ الْخَاصِّ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=171وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=63وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا عَطْفَ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنَ التَّذْيِيلِ نَظَرًا إِلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَأَوْلَى مِنْهُ إِذَا خُصَّ الْعَامُّ بِالْمُشْرِكِينَ كَمَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ أَخْذِ مِيثَاقٍ سَابِقٍ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ مُؤْمِنِهِمْ
[ ص: 100 ] وَكَافِرِهِمْ قَبْلَ هَذِهِ النَّشْأَةِ بِمَا هُوَ أَهَمُّ الْأُمُورِ وَالْأَصْلُ الْأَصِيلُ لِجَمِيعِ التَّكْلِيفَاتِ عَلَى وَجْهٍ خَالٍ مِمَّا يُشْبِهُ الْإِكْرَاهَ مُتَضَمِّنٌ لِزَامَ الْمُشْرِكِينَ الْمُعَاصِرِينَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفْعَ احْتِجَاجِهِمْ مَا كَانُوا بَعْدَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَخْذِ مِيثَاقٍ مِنْ قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ عَلَى وَجْهٍ هُوَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِالْإِكْرَاهِ بِمَا الظَّاهِرُ فِيهِ أَنَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ إِذْ ذَاكَ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالرُّبُوبِيَّةِ بَلْ بِهَا وَبِرِسَالَةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ إِلَى نَتْقِ الْجَبَلِ فَوْقَهُمْ لِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ خِلَالَ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْيَهُودِ مِنْ بَابِ الِاسْتِطْرَادِ، وَالْمُنَاسَبَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ لَمْ يَبْعُدْ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مُتَأَخِّرِي الْمُفَسِّرِينَ أَيْ: وَاذْكُرْ لَهُمْ أَوْ لِلنَّاسِ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172مِنْ بَنِي آدَمَ الْمُرَادُ بِهِمُ الَّذِينَ وُلِدَ لَهُمْ مُؤْمِنِينَ كَانُوا أَوْ كُفَّارًا نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ سِوَى مِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَتَخْصِيصُهُمْ بِأَسْلَافِ الْيَهُودِ الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَالُوا مِمَّا لَا يَكَادُ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.
وَإِيثَارُ الْأَخْذِ عَلَى الْإِخْرَاجِ لِلْإِيذَانِ بِشَأْنِ الْمَأْخُوذِ إِذْ ذَاكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِنْبَاءِ عَنِ الِاجْتِبَاءِ وَالِاصْطِفَاءِ وَهُوَ السَّبَبُ فِي إِسْنَادِهِ إِلَى اسْمِ الرَّبِّ بِطَرِيقِ الِالْتِفَاتِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّمْهِيدِ لِلِاسْتِفْهَامِ الْآتِي، وَإِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلتَّشْرِيفِ، وَقِيلَ: إِنَّ إِيثَارَ الْأَخْذِ عَلَى الْإِخْرَاجِ لِمُنَاسَبَةِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِنَ الْمِيثَاقِ، فَإِنَّ الَّذِي يُنَاسِبُهُ هُوَ الْأَخْذُ دُونَ الْإِخْرَاجِ، وَالتَّعَيُّرُ بِالرَّبِّ لِمَا أَنَّ ذَلِكَ الْأَخْذَ بِاعْتِبَارِ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ آثَارِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَاسْتَأْنَسَ بَعْضُهُمْ بِمُغَايَرَةِ أُسْلُوبِ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا فِيهِ مِنَ الِالْتِفَاتِ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=171وَإِذْ نَتَقْنَا وَلِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا لِكَوْنِهِ اسْتِطْرَادِيًّا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172مِنْ ظُهُورِهِمْ بَدَلٌ مِنْ بَنِي
آدَمَ بَدَلُ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ بِتَكْرِيرِ الْجَارِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ وَقِيلَ: بَدَلُ اشْتِمَالٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ، وَبَيَّنَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ بَدَلَ الِاشْتِمَالِ مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ مُلَابَسَةٌ بِحَيْثُ تُوجِبُ النِّسْبَةَ إِلَى الْمَتْبُوعِ إِلَى التَّابِعِ إِجْمَالًا نَحْوَ: أَعْجَبَنِي زَيْدٌ عِلْمُهُ؛ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ ابْتِدَاءً أَنَّ زَيْدًا مُعْجِبٌ بِاعْتِبَارِ صِفَاتِهِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، وَتَتَضَمَّنُ نِسْبَةُ الْإِعْجَابِ إِلَيْهِ نِسْبَتُهُ إِلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ إِجْمَالًا، وَنِسْبَةُ الْأَخْذِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْإِخْرَاجِ هُنَا إِلَى بَنِي
آدَمَ نِسْبَةٌ إِلَى ظُهُورِهِمْ إِجْمَالًا؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ابْتِدَاءً أَنَّ بَنِي
آدَمَ لَيْسُوا مَأْخُوذِينَ بِاعْتِبَارِ ذَوَاتِهِمْ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَجْسَادِهِمْ وَأَعْضَائِهِمْ، وَتَتَضَمَّنُ الْأَخْذَ إِلَيْهِمْ نِسْبَتُهُ إِلَى أَعْضَائِهِمُ إِجْمَالًا، وَادَّعَى أَنَّ الْقَوْلَ بِهِ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِبَدَلِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إِلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ الْكُلِّ تَكُونُ تَامَّةً وَتَحْصُلُ بِهَا الْفَائِدَةُ بِدُونِ ذِكْرِ الْبَدَلِ نَحْوَ: أَكَلْتُ الرَّغِيفَ نَصِفَهُ، فَإِنَّ النِّسْبَةَ تَامَّةٌ لَوْ لَمْ يُذْكَرِ النِّصْفُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّسْبَةَ هُنَا لَيْسَتْ تَامَّةً بِدُونِ ذِكْرِ الْبَدَلِ.
وَأَيْضًا أَنَّ الظُّهُورَ لَيْسَ بَعْضَ بَنِي
آدَمَ حَقِيقَةً، بَلْ بَعْضُ أَعْضَائِهِمْ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنَ النَّظَرِ. وَ (مِنْ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ ابْتِدَائِيَّةٌ، وَفِيهِ مَزِيدُ تَقْرِيرٍ لِابْتِنَائِهِ عَلَى الْبَيَانِ بَعْدَ الْإِبْهَامِ وَالتَّفْصِيلِ غِبَّ الْإِجْمَالِ، قِيلَ: وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْمِيثَاقَ قَدْ أُخِذَ مِنْهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ وَلَمْ يُسْتَوْدَعُوا فِي أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ذُرِّيَّتَهُمْ مَفْعُولُ (أَخَذَ) أُخِّرَ عَنِ الْمَفْعُولِ بِوَاسِطَةِ الْجَارِّ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى ضَمِيرٍ رَاجِعٍ إِلَيْهِ فَيَلْزَمُ بِالتَّقْدِيمِ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إِلَى مُتَأَخِّرٍ لَفْظًا وَرُتْبَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَلِمُرَاعَاةِ أَصَالَتِهِ وَمَنْشَئِيَّتِهِ وَلِمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنَ التَّشْوِيقِ إِلَى الْمُؤَخَّرِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=17379وَيَعْقُوبُ: (ذُرِّيَّاتِهِمْ) وَالْمُرَادُ أَوْلَادُهُمْ عَلَى الْعُمُومِ، وَمَنْ خَصَّ بَنِي
آدَمَ بِأَسْلَافِ الْيَهُودِ عَلَى مَا مَرَّ خَصَّ هَذَا بِأَخْلَافِهِمْ وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَالْإِشْكَالُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ بَنُو
آدَمَ وَذُرِّيَّتُهُ فَيَتَّحِدُ الْمُخْرَجُ وَالْمُخْرَجُ مِنْهُ مَدْفُوعٌ بِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ إِخْرَاجُ
[ ص: 101 ] الْفُرُوعِ مِنَ الْأُصُولِ حَسْبَ تَرَتُّبِ الْوِلَادَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ التَّخَلُّصُ عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ التَّخْصِيصِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَيْ: أَشْهَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ الذَّرِّيَّةِ الْمَأْخُوذِينَ مِنْ ظُهُورِ آبَائِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا عَلَى غَيْرِهِمْ تَقْرِيرًا لَهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَّامَّةِ قَائِلًا لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أَيْ: مَالِكِ أَمْرِكُمْ وَمُرَبِّيكُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ مَدْخَلٌ فِي شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172قَالُوا فِي جَوَابِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172بَلَى شَهِدْنَا أَيْ: عَلَى أَنْفُسِنَا بِأَنَّكَ رَبُّنَا لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، وَالْمُرَادُ: أَقْرَرْنَا بِذَلِكَ. وَجَاءَ أَنَّ
الْقَاضِيَ شُرَيْحًا قَالَ لِمُقِرٍّ عِنْدَهُ شَهِدَ عَلَيْكَ ابْنُ أُخْتِ خَالَتِكَ، وَمِنْ هُنَاكَ قَالَ
الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَ (بَلَى) حَرْفُ جَوَابٍ، وَأَلِفُهَا أَصْلِيَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ جَمْعٌ: الْأَصْلُ بَلْ، وَالْأَلِفُ زَائِدَةٌ، وَبَعْضُ أُولَئِكَ يَقُولُ: إِنَّهَا لِتَأْنِيثِ الْكَلِمَةِ كَالتَّاءِ فِي ثُمَّتْ وَرُبَّتْ؛ لِأَنَّهَا أُمِيلَتْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّأْنِيثِ لَكَانَتْ زَائِدَةً لِمُجَرَّدِ التَّكْثِيرِ كَأَلِفِ قَبَعْثَرَى وَتِلْكَ لَا تُمَالُ، وَتُخْتَصُّ بِالنَّفْيِ فَلَا تَقَعُ إِلَّا فِي جَوَابِهِ فَتُفِيدُ إِبْطَالَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُجَرَّدًا أَوْ مَقْرُونًا بِالِاسْتِفْهَامِ حَقِيقِيًّا كَانَ أَوْ تَقْرِيرِيًّا، وَقَدْ أَجْرَوُا النَّفْيَ مَعَ التَّقْرِيرِ مَجْرَى النَّفْيِ الْمُجَرَّدِ فِي رَدِّهِ بِبِلَى كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: لَوْ قَالُوا: نَعَمْ لَكَفَرُوا. وَوَجَّهَهُ أَنَّ نَعَمْ تَصْدِيقٌ لِلْمُخْبِرِ بِنَفْيٍ أَوْ إِيجَابٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: لَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ فَقَالَ: بَلَى لَزِمَتْهُ، وَنَعَمْ لَا. وَقَالَ آخَرُونَ: تَلْزَمُهُ فِيهِمَا وَجَرَوْا فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْعُرْفِ لَا اللُّغَةِ.
وَنَازَعَ
السُّهَيْلِيُّ وَجَمَاعَةٌ فِي الْمَحْكِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11الْحَبْرِ وَغَيْرِهِ مُتَمَسِّكِينَ بِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ التَّقْرِيرِيَّ مُوجِبٌ وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مِنْ جَعْلِ (أَمْ) مُتَّصِلَةً عَلَى مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51أَفَلا تُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ فَإِنَّهَا لَا تَقَعُ بَعْدَ الْإِيجَابِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ إِيجَابٌ فَنَعَمْ بَعْدَ الْإِيجَابِ تَصْدِيقٌ لَهُ، قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِمْ أَنَّ بَلَى لَا يُجَابُ بِهَا الْإِيجَابُ؛ وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي مُتَقَدِّمٌ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ لَكِنْ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا يُجَابُ بِهَا الِاسْتِفْهَامُ الْمُجَرَّدُ، فَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657333«أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قَالُوا: بَلَى».
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658382«أَنْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ لَهُ الْمُجِيبُ: بَلَى».
وَلَيْسَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَحْتَجُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ فَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ التَّنْزِيلُ. انْتَهَى. وَأَجَابَ
الْبَدْرُ الدَّمَامِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا إِشْكَالَ فِي الْحَقِيقَةِ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ رَاعَوْا صُورَةَ النَّفْيِ الْمَنْطُوقِ بِهِ فَيُجَابُ بِبِلَى حَيْثُ يُرَادُ إِبْطَالُ النَّفْيِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ، وَجَوَّزُوا الْجَوَابَ بِنَعَمْ عَلَى أَنَّهُ تَصْدِيقٌ لِمَضْمُونِ الْكَلَامِ جَمِيعِهِ، الْهَمْزَةِ وَمَدْخُولِهَا وَهُوَ إِيجَابٌ كَمَا سَلَفَ وَدَعْوَاهُ الِاتِّفَاقَ مُنَاقَشٌ فِيهَا، أَمَّا إِنْ أَرَادَ الْإِيجَابَ الْمُجَرَّدَ مِنَ النَّفْيِ بِالْمَرَّةِ فَقَدْ حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرِّضِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ، وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَازَ اسْتِعْمَالَهَا بَعْدَهُ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ:
وَقَدْ بَعُدَتْ بِالْوَصْلِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا بَلَى إِنَّ مَنْ زَارَ الْقُبُورَ لَيَبْعُدَا
وَإِنْ أَرَادَ مَا هُوَ الْأَعَمُّ حَتَّى يَشْمَلَ التَّقْرِيرُ الْمُصَاحِبُ لِلنَّفْيِ فَالْخِلَافُ فِيهِ مَوْجُودٌ مَشْهُورٌ ذَكَرَهُ هُوَ فِي حَرْفِ النُّونِ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْبَيْتَ شَاذٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14374الرِّضِيُّ، وَالْمَذْكُورُ فِي بَحْثِ النُّونِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمُ
الشَّلَوْبِينُ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا كَانَ قَبْلَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامٌ فَإِنْ كَانَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَجَوَابُهُ كَجَوَابِ النَّفْيِ الْمُجَرَّدِ وَإِنْ كَانَ مُرَادًا بِهِ التَّقْرِيرُ فَالْأَكْثَرُ أَنْ يُجَابَ بِمَا يُجَابُ بِهِ النَّفْيُ رَعْيًا لِلَفْظِهِ، وَيَجُوزُ عِنْدَ أَمْنِ اللَّبْسِ أَنْ يُجَابَ بِمَا يُجَابُ بِهِ الْإِيجَابُ رَعْيًا لِمَعْنَاهُ، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْأَنْصَارِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ: أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ وَقَوْلُ
جَحْدَرٍ: [ ص: 102 ] أَلَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أُمَّ عَمْرٍو وَإِيَّانَا فَذَاكَ بِنَا تَدَانِي
نَعَمْ وَأَرَى الْهِلَالَ كَمَا تَرَاهُ وَيَعْلُوهَا النَّهَارُ كَمَا عَلَانِي
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ
ابْنُ عُصْفُورٍ: أَجْرَتِ الْعَرَبُ التَّقْرِيرَ فِي الْجَوَابِ مَجْرَى النَّفْيِ الْمَحْضِ وَإِنْ كَانَ إِيجَابًا فِي الْمَعْنَى، فَإِذَا قِيلَ: أَلَمْ أُعْطِكَ دِرْهَمًا؟ قِيلَ فِي تَصْدِيقِهِ: نَعَمْ. وَفِي تَكْذِيبِهِ: بَلَى. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقَرِّرَ قَدْ يُوَافِقُكَ فِيمَا تَدَّعِيهِ وَقَدْ يُخَالِفُكَ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ أَرَادَ نَعَمْ لَمْ تُعْطِنِي عَلَى اللَّفْظِ أَوْ نَعَمْ أَعْطَيْتَنِي عَلَى الْمَعْنَى؛ فَلِذَلِكَ أَجَابُوهُ عَلَى اللَّفْظِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى الْمَعْنَى، وَأَمَّا نَعَمْ فِي بَيْتِ
جَحْدَرٍ فَجَوَابٌ لِغَيْرِ مَذْكُورٍ، وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ اعْتِقَادُهُ مِنْ أَنَّ اللَّيْلَ يَجْمَعُهُ
وَأُمَّ عَمْرٍو وَجَازَ ذَلِكَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ لِعِلْمِهِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّيْلَ يَجْمَعُهُ مَعَ
أُمِّ عَمْرٍو، أَوْ هُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ: وَأَرَى الْهِلَالَ قَدِمَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأَنْصَارِ فَجَازَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ نَعَمْ يُعْرَفُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ اسْتِعْمَالُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لَهَا بَعْدَ التَّقْرِيرِ. انْتَهَى.
وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ نَعَمْ فِي الْبَيْتِ جَوَابًا لِقَوْلِهِ: فَذَاكَ بِنَا تَدَانِي، ثُمَّ قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ: وَيَتَحَرَّرُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ أُجِيبَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ بِنَعَمْ لَمْ يَكْفِ فِي الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْجَبَ فِي الْإِقْرَارِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالرُّبُوبِيَّةِ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنَ الْمُقِرِّ، وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، بِرَفْعِ إِلَهٍ لِاحْتِمَالِهِ لِنَفْيِ الْوَحْدَةِ، وَلَعَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إِنَّمَا قَالَ: إِنَّهُمْ لَوْ قَالُوا: نَعَمْ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا وَافِيًا، وَجَوَّزَ
الشَّلَوْبِينُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا: نَعَمْ جَوَابًا لِلْمَلْفُوظِ عَلَى مَا هُوَ الْأَفْصَحُ لَكَانَ كُفْرًا إِذِ الْأَصْلُ تَطَابُقُ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ لَفْظًا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ لَا يَكُونُ بِالِاحْتِمَالِ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ جَمْعِ تَمْثِيلٍ لِخَلْقِهِ تَعَالَى الْخَلْقَ جَمِيعًا فِي مَبْدَأِ الْفِطْرَةِ مُسْتَعِدِّينَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِالْأَدِلَّةِ الْآفَاقِيَّةِ وَالْأَنْفُسِيَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ كَمَا نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651296«كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» الْحَدِيثَ.
مَبْنِيٌّ عَلَى تَشْبِيهِ الْهَيْئَةِ الْمُنْتَزَعَةِ مِنْ تَعْرِيضِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِيَّاهُمْ لِمَعْرِفَةِ رِبَوِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ بَعْدَ تَمْكِينِهِمْ مِنْهَا بِمَا رَكَّزَ فِيهِمْ مِنَ الْعُقُولِ وَالْبَصَائِرِ وَنَصَبَ لَهُمْ فِي الْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ مِنَ الدَّلَائِلِ تَمْكِينًا تَامًّا وَمِنْ تَمَكُّنِهِمْ مِنْهَا تَمَكُّنًا كَامِلًا وَتَعَرُّضِهِمْ لَهَا تَعَرُّضًا قَوِيًّا بِهَيْئَةٍ مُنْتَزَعَةٍ مِنْ حَمْلِهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِهَا بِطَرِيقِ الْأَمْرِ وَمِنْ مُسَارَعَتِهِمْ إِلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَلَعْثُمٍ أَصْلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَخْذٌ وَإِشْهَادٌ وَسُؤَالٌ وَجَوَابٌ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ وَمِنْ ذَلِكَ سَائِرُ مَا يُحْكَى عَنِ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ كَقَوْلِهِ:
شَكَا إِلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى مَهْلًا رُوَيْدًا فَكِلَانَا مُبْتَلَى
وَقَوْلِهِ:
امْتَلَأَ الْحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْتَ بَطْنِي
وَجَعَلُوا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَنْ تَقُولُوا مِنْ تَلْوِينِ الْخِطَابِ وَصَرْفِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُعَاصِرِيهِ مِنَ الْيَهُودِ تَشْدِيدًا فِي الْإِلْزَامِ أَوْ إِلَيْهِمْ وَإِلَى مُتَقَدِّمِيهِمْ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ وَهُوَ مَفْعُولٌ لَهُ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْأَخْذِ وَالْإِشْهَادِ أَوْ لِمُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى عَلَى مَا يَقُولُ الْبَصْرِيُّونَ: فَعَلْنَا مَا فَعَلْنَا كَرَاهَةَ أَنْ تَقُولُوا. وَعَلَى مَا يَقُولُ الْكُوفِيُّونَ: لِئَلَّا تَقُولُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْأَمْرِ وَإِحَاطَةِ الْعَذَابِ بِمَنْ أَشْرَكَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا أَيْ: وَحْدَانِيَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172غَافِلِينَ لَمْ نُنَبَّهْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسَعُهُمْ هَذَا الِاعْتِذَارُ
[ ص: 103 ] حِينَئِذٍ عَلَى مَا قِيلَ لِأَنَّهُمْ نُبِّهُوا بِنَصْبِ الْأَدِلَّةِ وَجُعِلُوا مُتَهَيِّئِينَ تَهَيُّؤًا تَامًّا لِتَحْقِيقِ الْحَقِّ وَإِنْكَارِ ذَلِكَ مُكَابَرَةً فَكَيْفَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ.