وإلى عاد متعلق بمضمر معطوف على أرسلنا فيما سبق وهو الناصب لقوله تعالى : أخاهم أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم وقيل : لا إضمار والمجموع معطوف على المجموع السابق والعامل الفعل المتقدم وغير الأسلوب لأجل ضمير أخاهم إذ لو أتي به على سنن الأول عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة وعاد في الأصل اسم لأبي القبيلة ثم سميت به القبيلة أو الحي فيجوز فيه الصرف وعدمه كما ذكره وقوله تعالى : سيبويه هودا بدل من أخاهم أو عطف بيان له واشتهر أنه اسم عربي وظاهر كلام أنه أعجمي وأيد بما قيل إن أول العرب سيبويه يعرب وهو هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وعليه محمد بن إسحاق وبعض القائلين بهذا قالوا إن نوحا ابن عم أبي عاد وقيل : ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح وقيل : ابن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام .
ومعنى كونه عليه السلام أخاهم أنه منهم نسبا وهو قول الكثير من النسابين ومن لا يقول به يقول : إن المراد صاحبهم وواحد في جملتهم وهو كما يقال يا أخا العرب وحكمة كون النبي يبعث إلى القوم منهم أنهم أفهم لقوله من قول غيره وأعرف بحاله في صدقه وأمانته وشرف أصله قال استئناف بياني كأنه قيل فماذا قال لهم حين أرسل إليهم فقيل قال .. إلخ . ولم يؤت بالفاء كما أتي بها في قصة نوح لأن نوحا كان مواظبا على دعوة قومه غير مؤخر لجواب شبهتهم لحظة واحدة وهود عليه السلام لم يكن مبالغا إلى هذا الحد فلذا جاء التعقيب في كلام نوح ولم يجئ هنا وذكر صاحب الفرائد في التفرقة بين القصتين أن قصة نوح عليه السلام ابتداء كلام فالسؤال غير مقتضي الحال وأما قصة هود فكانت معطوفة على قصة نوح فيمكن أن يقع في خاطر السامع أقال هود ما قال نوح أم قال غيره فكان مظنة أن يسأل ماذا قال لقومه فقيل : قال .. إلخ .
وقيل : اختير الفصل هنا لإرادة استقلال كل من الجمل في معناه حيث أن كفر هؤلاء أعظم من كفر قوم نوح من حيث أنهم علموا ما فعل الله تعالى بالكافرين وأصروا وقوم نوح لم يعلموا ويدل على علمهم بذلك ما سيأتي في ضمن الآيات وفيه نظر .
[ ص: 155 ] يا قوم اعبدوا الله وحده كما يدل عليه قوله تعالى : ما لكم من إله غيره فإنه استئناف جار مجرى البيان للعبادة المأمور بها والتعليل لها أو للأمر كأنه قيل : خصوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئا إذ ليس لكم إله سواه .
وقرئ ( غير ) بالحركات الثلاث كالذي قبل أفلا تتقون (65) إنكار واستبعاد لعدم اتقائهم عذاب الله تعالى بعدم ما علموا ما حل بقوم نوح عليه السلام كما قال شيخ الإسلام خاطبهم بكل منهما واكتفى بحكاية كل منهما في موطن عن حكايته في موطن آخر كما لم يذكر ها هنا ما ذكر هناك من قوله إن أنتم إلا مفترون وقس على ذلك حال بقية ما ذكروا ما لم يذكر من أجزاء القصة بل حال نظائره في سائر القصص لا سيما في المحاورات الجارية في الأوقات المتعددة .
وقال غير واحد : إنما قيل ها هنا : أفلا تتقون وفيما تقدم من مخاطبة نوح عليه السلام قومه إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم لأن هؤلاء قد علموا بما حل بغيرهم من نظرائهم ولم يكن قبل واقعة قوم نوح عليه السلام واقعة وقيل : لأن هؤلاء كانوا أقرب إلى الحق وإجابة الدعوة من قوم نوح عليه السلام وهذا دون ( إني أخاف عليكم ) .. إلخ . في التحويف ويرشد إلى ذلك ما تقدم مع قوله تعالى :