ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة بعد أن استقر بكل من الفريقين القرار واطمأنت به الدار : أن أفيضوا أي صبوا علينا شيئا من الماء نستعين به على ما نحن فيه وظاهر الآية يدل على أن الجنة فوق النار أو مما رزقكم الله أي أو من الذي رزقكموه الله تعالى من سائر الأشربة ليلائم الإفاضة أو من الأطعمة كما روي عن السدي ويقدر في المعطوف عامل يناسبه أو يؤول العامل الأول بما يلائم المتعاطفين أو يضمن ما يعمل في الثاني أو يجعل ذلك من المشاكلة ويكون في الآية دليل على نهاية عطشهم وشدة جوعهم وأن ما هم فيه من العذاب لا يمنعهم عن طلب أكل وشرب وبهذا رد وابن زيد موسى الكاظم رضي الله تعالى عنه فيما يروى على هارون الرشيد إنكاره أكل أهل المحشر محتجا بأن ما هم فيه أقوى مانع لهم عن ذلك .
واختلف العلماء في أن هذا السؤال هل كان مع رجاء الحصول أو مع اليأس منه حيث عرفوا دوام ما هم فيه وإلى كل ذهب بعض قالوا استئناف مبني على السؤال كأنه قيل : فماذا قالوا فقيل قالوا في جوابهم : إن الله حرمهما على الكافرين (50) أي منع كلا منهما أو منعهما منع المحرم عن المكلف فلا سبيل إلى ذلك قطعا ولا يحتمل التحريم على معناه الشائع لأن الدار ليست بدار تكليف