( كتاب النفقات ) وما يذكر معها وأخرت إلى هنا لوجوبها في النكاح وبعده وجمعت لتعدد أسبابها الأتية النكاح والقرابة والملك وأورد عليها أسباب أخر ولا ترد لأن بعضها خاص وبعضها ضعيف من الإنفاق وهو الإخراج ولا يستعمل إلا في الخبر كما مر والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع وبدأ بنفقة الزوجة لأنها أقوى لكونها [ ص: 302 ] معاوضة في مقابلة التمكين من التمتع ولا تسقط بمضي الزمان فقال ولا ينافيه ما يأتي عن ( على موسر ) حر كله ( لزوجته ) ولو أمة وكافرة ومريضة ( كل يوم ) بليلته المتأخرة عنه أي من طلوع فجره الإسنوي فيما لو حصل التمكين عند الغروب لأن المراد منه كما هو ظاهر أنه يجب لها قسط ما بقي من غروب تلك الليلة إلى الفجر دون ما مضى من الفجر إلى الغروب ثم تستقر بعد ذلك من الفجر دائما .
وما يأتي عن البلقيني أنه لا يجب القسط مطلقا ضعيف وإن كان في كلام الزركشي ما قد يوافقه ( مدا طعام ومعسر ) ومنه كسوب وإن قدر زمن كسبه على مال واسع ، ومكاتب وإن أيسر لضعف ملكه وكذا مبعض على المعتمد لنقصه وإنما جعل موسرا في الكفارة بالنسبة لوجوب الإطعام لأن مبناها على التغليظ أي ولأن النظر للإعسار فيها يسقطها من أصلها ولا كذلك هنا وفي احتياطا له لشدة لصوقه وصلة لرحمه ( مد ومتوسط مد ونصف ) ولو لرفيعة أما أصل التفاوت فلقوله تعالى { نفقة القريب لينفق ذو سعة من سعته } وأما ذلك التقدير فبالقياس على الكفارة بجامع أن كلا مال يجب بالشرع ويستقر في الذمة وأكثر ما وجب فيها لكل مسكين مدان ككفارة نحو الحلق في النسك وأقل ما وجب له مد في كفارة نحو اليمين والظهار وهو يكتفي به الزهيد وينتفع به الرغيب فلزم الموسر الأكثر والمعسر الأقل والمتوسط ما بينهما وإنما لم يعتبر شرف المرأة وضده لأنها لا تعير بذلك ولا الكفاية كنفقة القريب لأنها تجب للمريضة والشبعانة نعم الظاهر خبر هند { } أنها مقدرة بالكفاية واختاره جمع من جهة الدليل وبسطوا القول فيه وقد يجاب عن الخبر بأنه لم يقدرها فيه بالكفاية فقط بل بها بحسب المعروف وحينئذ فما ذكروه . خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف
وهو المعروف المستقر كما هو ظاهر ولو فتح باب الكفاية للنساء الواجب من غير تقدير لوقوع التنازع لا إلى غاية فتعين ذلك التقدير اللائق بالعرف الشاهد له تصرف الشارع كما تقرر فاتضح ما قالوه واندفع قول الأذرعي لا أعرف لإمامنا رضي الله عنه سلفا في التقدير بالإمداد ولولا الأدب لقلت الصواب إنها بالمعروف تأسيا واتباعا ومما يرد عليه أيضا أنها في مقابلة وهي تقضي التقدير فتعين وأما تعين الحب فلأنها أخذت شبها من الكفارة من حيث كون كل منهما في مقابل وتفاوتوا في القدر لأنا وجدنا ذوي النسك متفاوتين فيه فألحقنا ما هنا بذلك في أصل التقدير وإذا ثبت أصله تعين استنباط معنى يوجب التفاوت وهو ما تقرر فتأمله ( والمد ) [ ص: 303 ] والأصل في اعتباره الكيل وإنما ذكروا الوزن استظهارا أو إذا وافق الكيل كما مر ثم الوزن اختلفوا فيه فقال الرافعي إنه ( مائة وثلاثة وسبعون درهما وثلث درهم ) بناء على ما مر عنه في رطل بغداد .
( قلت الأصح مائة وأحد وسبعون ) درهما ( وثلاثة أسباع ) درهم ( والله أعلم ) بناء على الأصح السابق فيه المار ضابطه في باب قسم الصدقات ( معسر ) قيل هي عبارة مقلوبة وصوابها والمعسر هو مسكين الزكاة انتهى وليس في محله ومما يبطل حصره ما مر أن ذا الكسب الواسع معسر هنا وليس مسكين زكاة فتعين ما عبر به المتن لئلا يرد عليه ذلك ثم السياق قاض بأن المراد معسر هنا وكان وجه الفرق بينهما في متسع الكسب العمل بالعرف في البابين فإن أصحاب الاكتساب الواسعة لا يعطون زكاة أصلا ويعدون معسرين لعدم مال بأيديهم ( ومن فوقه ) في التوسع بأن كان له ما يكفيه من المال لا الكسب ( إن كان لو كلف مدين ) كل يوم لزوجته ( رجع مسكينا فمتوسط وإلا ) يرجع مسكينا لو كلف ذلك ( فموسر ) [ ص: 304 ] ويختلف ذلك بالرخص والغلاء زاد في المطلب وقلة العيال وكثرتها حتى أن الشخص الواحد قد يلزمه لزوجته نفقة موسر ولا يلزمه لو تعددت إلا نفقة متوسط أو معسر لكن استبعده ( ومسكين الزكاة ) الأذرعي وغيره واعترض هذا الضابط بما فيه نظر فاعلمه .