فرع لم ترث منه كما أفتى به بعضهم لوقوع الطلاق عليها بظاهر وجود الصفة ، ولا نظر لاحتمال نحو نسيان ؛ لأنه مانع للوقوع والأصل عدم المانع ولأنا نشك الآن في استحقاقها للإرث لأصل عدمه فلا نظر مع ذلك لأصل بقاء العصمة ويوافق ذلك إفتاء بعضهم أخذا من كلام علق الطلاق بصفة ثم وجدت واستمر معاشرا لزوجته ثم مات الجلال البلقيني فيمن بأنه يحنث بالدخول ، وإن لم يعلم حال الداخل وخالف في ذلك بعضهم فأفتى فيمن حلف لا يدخل زيد الدار فدخل وشك أهو مبال أو ناس وهل قصد الحالف منعه أو لا بأنه لا يحنث لاحتمال نسيانه أو إعساره والعصمة محققة فلا ترفع بالشك وكان أصل قوله تطلق بأحدهما في نسخة لم تطلق وكتب عليها هذا ظاهر إن قال إن دخلت وكلمت بالواو لا بأو فليحرر ا هـ من بعض الهوامش [ ص: 128 ] هذا التخالف نشأ من تناقض حلف ليقضين حقه يوم كذا فمضى اليوم ، ولم يقضه ثم مات ، ولم يدر الشيخين في فجريا هنا على عدم الوقوع للشك في الصفة الموجبة للطلاق . أنت طالق إلا أن يقدم زيد ثم مات زيد وشك هل قدم أو لا
وفي الأيمان على الوقوع ، وهو الذي عليه الأكثرون وبه يعلم صحة الإفتاء الأول والثاني وأن الثالث مبني على ما عليه الأقلون ، وفي الروضة في ذكر أحوال منوطة بإرادته بعضها يقع وبعضها لا ثم قال فإن مات ، ولم يفسر حنث ، وفي إن لم أصطد هذا الطائر اليوم فأصطاد طائرا وشك أهو هو أو لا حنث ورجح أيضا في إن لم يدخل أو إن لم يشأ اليوم وجهل دخوله أو مشيئته أنه لا حنث ومنازعة أنت طالق أمس الإسنوي وغيره فيه ردها الأذرعي بأنه الموافق للنص ولك أن تقول لا تخالف في الحقيقة ؛ لأن المعلق عليه تارة يوجد ويشك في مقارنة مانع له لم يدل عليه اللفظ كالنسيان ، وهذا لا أثر للشك فيه ؛ لأن الأصل عدم المانع ومجرد احتمال وجوده لا أثر له إذ لا بد من تحققه ، ومنه المسائل المذكورة قبل ما في الروضة وتارة يشك في وجود أصل المعلق عليه ، وهذا لا وقوع فيه على المعتمد خلافا لما عليه الأكثرون إذ لا بد من تحقيقه ، ومنه ما في الروضة في مسألة الطائر وما معها وعلى هذا يحمل اختلاف كلامهم ويتبين أن المعتمد الإفتاء الأول والثاني دون الثالث فتأمل ذلك فإنه مهم فإن قلت : يرد على ذلك ما تقرر في مسألة الشك في المشيئة والدخول فإنه شك في وجود المانع ، وقد عملوا به على المعتمد المذكور .
قلت قد أشرت إلى الجواب عن هذا بقولي أو لا لم يدل عليه اللفظ وسره أنه معلق عليه حينئذ ، وقد شككنا في وجود الصفة المعلق عليها كما في الروضة فأثر ذلك ، وإن كان وجودها مانعا فإن قلت : وقع في كلام غير واحد التسوية في إلا أن يقدم زيد بين ما إذا شك في أصل قدومه ، وهو الذي في الروضة وغيرها وما إذا علم قدومه وشك هل قدم حيا أو ميتا فلا حنث هنا أيضا ، وهذا مشكل بما لو شك هل قدم ناسيا أو ذاكرا فإنه يحنث هنا كما يقتضيه الإفتاءان الأولان قلت لا إشكال بل هما هنا سواء في أنه لا حنث للشك في وجود الصفة المعلق عليها ، وهي القدوم الخالي عن الموانع ، وأما الإفتاءان [ ص: 129 ] المذكوران فإنما محلهما في مانع لم يتعرض له في اللفظ بوجه كما علم مما قدمته هذا ويشكل على المعتمد المذكور قولهما في الأيمان في أنه يحنث واختلف المتأخرون فمنهم من عد هذا مع قولهما هنا لا حنث تناقضا وهم الأكثرون ، ومنهم من فرق بين البابين والله لأدخلن إلا أن يشاء زيد وشك في مشيئته كابن المقري فإنه فرق بما حاصله أن الحنث هنا يؤدي إلى رفع النكاح بالشك بخلافه ثم واعترضه غير واحد بأن الحنث ثم يؤدي أيضا إلى رفع براءة الذمة بالشك وأجاب عنه شيخنا بأن النكاح جعلي والبراءة شرعي والجعلي أقوى من الشرعي كما صرحوا به في الرهن ووجه قوته أن ما يلزم الإنسان به نفسه أقوى مما يلزمه به غيره فلكون النكاح أقوى لم يؤثر الشك فيه بخلاف البراءة ، ولا ينافي الإفتاءين الأولين كما هو ظاهر قبول دعوى الزوج لو كان حيا النسيان أو نحوه .
وكذا وفاء الدين لكن بالنسبة لعدم الوقوع لا لسقوط الدين عنه بذلك أخذا من إفتاء القاضي لكن خالفه بأنه لو علق بعدم الإنفاق عليها ثم ادعاه قبل لعدم وقوع الطلاق ؛ لأن الأصل بقاء العصمة لا لإسقاط نفقتها ؛ لأن الأصل بقاؤها واعترض ما قاله ابن الصلاح القاضي بترجيح الشيخين في الأيمان في إن خرجت بغير إذني فخرجت وادعى الإذن وأنكرته أنها تصدق ونقل البغوي عن القاضي أنه أجاب به مرة ؛ لأن الأصل عدم الإذن قال الأذرعي هذا ما تضمنه كلام كثيرين أو الأكثرين ، وقد كنت ملت إلى قول ابن كج يصدق هو ثم توقفت فيه لفساد الزمان واعتمده الزركشي أيضا ويؤيده ما مر أن كل ما يمكن إقامة البينة عليه لا يصدق مدعيه والإذن والإنفاق مما يمكن إقامة البينة عليهما ، ولا يشكل عليه ما مر في مسائل الشك ؛ لأنه لا منازع ثم وبفرضه فنزاعه مستند لمجرد حزر وتخمين من غير أن يستند لأصل ، ولا ظاهر فلم يعول عليه بخلافه فيما ذكر فاندفع ما لبعضهم هنا وبذلك كله تتأيد مخالفة ابن الصلاح للقاضي وقياس ذلك أنه لو علق بلعنها لوالديه ثم ادعى أنها لعنتهما أي : ولم نقل بما مر آنفا عن الماوردي في شرح فكذلك فأنكرت صدقت لإمكان إقامة البينة على اللعن وقول بعضهم تصدق هي بالنسبة لعدم العقوبة لا للوقوع إنما يتأتى على ما مر عن القاضي .
وقد علم ما فيه نعم قد يؤيده قول الشيخين عن البوشنجي وأقراه لو صدق ، وقد يجاب بأن الوطء تتعسر إقامة البينة عليه فصدق فيه لقوة أصل بقاء العصمة هنا ثم رأيت بعض المتأخرين أجاب بذلك حيث قال ذكر الأصحاب في إن لم أطأك الليلة أن القول قوله في الوطء لعسر إقامة البينة عليه قال غيره وتصديق مدعي الوطء لا يتعدى إلى غيره من الخفيات فالراجح تصديقها في غيره مما يتعلق بفعل أحدهما وبه جزم قال : أنت طالق للسنة ثم ادعى الوطء في هذا الطهر ليمتنع الوقوع حالا وادعت عدمه المتولي وغيره ا هـ وتفرقة بعضهم بين كون الفعل الظاهر المعلق عليه من أحد الزوجين وكونه من غيرهما [ ص: 130 ] ليست بصحيحة ؛ لأن الملحظ كما تقرر إمكان البينة وعدمه ، وهو لا يختلف بذلك