( ولو لم يقع إن دخلت في البينونة ) ؛ لأن اليمين تناولت دخولا واحدا وقد وجد في حالة لا يقع فيها فانحلت ومن ثم لو علق بكلما طرقها الخلاف الآتي لاقتضائها التكرار ( وكذا إن لم تدخل ) فيها بل بعد تجديد النكاح فلا يقع هنا أيضا ( في الأظهر ) لامتناع أن يريد النكاح الثاني ؛ لأنه يكون تعليق طلاق قبل نكاح فيتعين أن يريد الأول وقد ارتفع ( وفي ) قول ( ثالث يقع إن بانت بدون ثلاث ) ؛ لأن العائد في النكاح الثاني ما بقي من الثلاث فتعود بصفتها ، وهي التعليق بالفعل المعلق عليه بخلاف ما إذا بانت بالثلاث ؛ لأن العائد طلقات جديدة هذا إذا علق بدخول مطلق أما لو علقه ) أي الطلاق الصادق بثلاث ودونها ( بدخول ) مثلا ( فبانت ) قبل الوطء أو بعده بفسخ أو خلع ( ثم نكحها ثم دخلت أو أنه يقضيه أو يعطيه دينه في شهر كذا ثم أبانها قبل انقضاء الشهر وبعد تمكنها من الدخول أو تمكنه مما ذكر ثم تزوجها ومضى الشهر ولم توجد الصفة فأفتى حلف بالطلاق الثلاث أنها تدخل الدار مثلا في هذا الشهر ابن الرفعة أولا بالتخلص ووافقه صاحباه النور أبو الحسن البكري والنجم القمولي .
ثم رجع وبين لهما أنه خطأ ، وأن الصواب أنه ينتظر فإن لم يفعل حتى مضى الشهر تبين وقوع الثلاث قبل الخلع وبطلانه ووافقه الباجي وعلله بأنها تمكنت من فعل المحلوف عليه ولم تفعل وبحث معه السبكي محتجا للتخلص ، وهو لا يلوي إلا على عدمه [ ص: 44 ] وهم معذورون في ذلك فإن كلام الأصحاب فيه ما يشهد للتخلص كإن لم تخرجي هذه الليلة من هذه الدار فإنه ينفعه الخلع فيها ، وإن أعاد عقدها ليلا وكذا في مسألة التفاحتين المذكورة في كلام الشيخين ونظائرهما ولعدمه كما لو أو لتشربن ماء هذا الكوز فانصب بعد إمكان شربه أو ليأكلن ذا غدا فتلف فيه بعد تمكنه من أكله وحاصل كلام حلف لتصلين الظهر اليوم فحاضت في وقته بعد تمكنها من فعله ولم تفعله السبكي الذي تجتمع به تلك المسائل التي ظاهرها التنافي بعد بحثه مع ابن الرفعة فيما رجع إليه وصوبه ومع الباجي أن الصيغة إن كانت لا أفعل أو إن لم أفعل تخلص ؛ لأنها تعليق بالعدم ولا يتحقق إلا بالآخر وقد صادفها بائنا وليس لليمين هنا إلا جهة حنث فقط ؛ لأنها تعلقت بسلب كلي هو العدم في جميع الوقت وبالوجود لا نقول حصل البر بل لم يحنث لعدم شرطه .
وكلام الشيخين أواخر الطلاق في إن لم تخرجي الليلة من هذه الدار ، وإن لم تأكلي هذه التفاحة اليوم نفعه الخلع صريح في أنه ينفعه في صورتنا ؛ لأنها عين صورتيهما المذكورتين ، وإن كانت لأفعلن ومثلها النفي المشعر بالزمان كإذا لم أفعل كذا لم يتخلص ؛ لأن الفعل مقصود منه ، وهو إثبات جزئي ولليمين جهة بر هي فعله وجهة حنث بالسلب الكلي الذي هو نقيضه والحنث يتحقق بمناقضة اليمين وتفويت البر فإذا التزم ذلك بالطلاق وفوته بخلع من جهته حنث لتفويته البر باختياره وكلام الشيخين في لآكلن ذا الطعام غدا صريح في ذلك انتهى وزعم أن كلام صاحب البيان وغيره يخالف ذلك مردود وقد بسطت ما في ذلك في شرح الإرشاد الكبير أول الخلع بما لا مزيد على حسنه وتحريره فراجعه [ ص: 45 ] وصوب البلقيني وتبعه الزركشي ما رجع عنه ابن الرفعة من التخلص مطلقا وفرق بين ما هنا ولآكلن ذا الطعام غدا فتلف فيه بعد تمكنه من أكله حنث باستحالة البر في هذه ، وهنا لم يستحل مع الخلع لإمكان فعله بعد الخلع ولأنه لم يفوت محل البر بل محل الطلاق فإذا مضى الزمن المجعول ظرفا ولم يفعل المحلوف عليه لم يحنث ؛ لأنه صادف بينونتها بالخلع واستدل له بأنه لو تمكن من الفعل في حياتها ثم ماتت لا حنث بعد فراغ الشهر لعدم المحلوف عليه ولم يقل أحد بالحنث قبيل الموت انتهى ، ويرد بأنه يلزم عليه تشتت النظائر بخلاف ما تقرر .
وقوله : لإمكان فعله بعد الخلع في غاية البعد ؛ لأن فعله بعد الخلع مع صحته لا يسمى برا ؛ لأن هذه عصمة أخرى وقوله : لم يفوت محل البر بل محل الطلاق لا ينفعه ؛ لأن تفويت محل الطلاق يستلزم تفويت محل البر بل هو عنه كما هو واضح والفرق بين ما هنا والموت ظاهر إذ مع الموت لا ينسب لتفويت ألبتة ؛ لأن النفوس جبلت على استبعاد وقته بخلاف غيره ولو فقيل يقع الثلاث وغلط بأنه إذا خالع بانت فلا يقع المعلق به وقول الجمهور إن الشرط والجزاء يتقارنان في الزمن لا يجري هنا ؛ لأن بينهما هنا ترتبا زمنيا ؛ لأن وقوع الثلاث يستدعي تأخر الخلع ووقوعه يستدعي رفعها ولو حلف بالثلاث لا يفعل كذا ثم حلف بها [ ص: 46 ] لا يخالع ولا يوكل فيه فخالعها تعينت ولم يصح رجوعه عنها إلى تعيينه في غيرها وليس له قبل الحنث ولا بعده توزيع العدد ؛ لأن المفهوم من حلفه إفادة البينونة الكبرى فلم يملك رفعها بذلك . كان له زوجات فحلف بالثلاث ما يفعل كذا ولم ينو واحدة ثم قال ولو قبل فعل المحلوف عليه عينت فلانة لهذا الحلف