[ ص: 44 ] ( ولو ) كبر أبيض بأسمر أو بشعير وكغزل سدى نسجه بلحمته لنفسه وشمل كلامهم خلطه أو اختلاطه باختصاص كتراب بزبل ( وأمكن التمييز ) للكل أو للبعض ( لزمه وإن شق ) عليه ليرده كما أخذه ( وإن تعذر ) التمييز كخلط زيت بمثله أو شيرج وبر أبيض بمثله ودراهم بمثلها ( فالمذهب أنه كالتالف ) على إشكالات فيه يعلم ردها مما يأتي ( فله تغريمه ) بدله ، خلطه بمثله أو بأجود أو بأردأ ؛ لأنه لما تعذر رده أبدا أشبه التالف فيملكه الغاصب إن قبل التملك ، وإلا كتراب أرض موقوفة خلطه بزبل وجعله آجرا غرم مثله ورد الآجر للناظر ولا نظر لما فيه من الزبل ؛ لأنه اضمحل بالنار كذا ذكره بعضهم ومع ملكه المذكور يحجر عليه فيه حتى يرد مثله لمالكه على الأوجه ويكفي كما في فتاوى خلط المغصوب ) أو اختلط عنده ( بغيره المصنف أن يعزل من المخلوط أي بغير الأردأ قدر حق المغصوب [ ص: 45 ] منه ويتصرف في الباقي كما يأتي .
وبهذا يندفع كما يعلم مما يأتي أيضا ما أطال به السبكي من الرد والتشنيع على القول بملكه وإنما قلنا بالشركة في نظير ذلك من المفلس لئلا يحتاج للمضاربة بالثمن وهو إضرار به وهنا الواجب المثل فلا إضرار ومن ثم لو فرض فلس الغاصب أيضا لم يبعد كما في المطلب جعل المغصوب منه أحق بالمختلط من غيره وشمل قوله بغيره خلطه بمال آخر مغصوب أيضا فكذلك كما جزم به ابن المقري واقتضاه كلام الشيخين في غير هذا الكتاب وأصله أيضا وغيرهما .
لكن قال البلقيني المعروف عند الشافعية أنه لا يملك شيئا منه ولا يكون كالهالك واعتمده بعضهم لموافقته لما أفتى بهالمصنف وفرق بأنه إنما ملك في الخلط بماله تبعا لماله وهنا لا تبعية وفي فتاوى المصنف حل لكل أخذ قدر حصته فإن خص أحدهم بحصته لزمه أن يقسم ما أخذه عليه وعلى الباقين بالنسبة إلى قدر أموالهم هذا كله إذا عرف المالك أو الملاك كما تقرر أما لو جهلوا فإن لم يحصل اليأس من معرفتهم وجب إعطاؤها للإمام ليمسكها أو ثمنها لوجود ملاكها وله أن يقترضها لبيت المال ، وإن أيس منها أي عادة كما هو ظاهر صارت من أموال بيت المال فلمتوليه التصرف فيها بالبيع وإعطائها لمستحق شيء من بيت المال وللمستحق أخذها ظفرا ولغيره أخذها ليعطيها للمستحق كما هو ظاهر ، ثم رأيت غصب من جمع دراهم مثلا وخلطها بحيث لا تتميز ، ثم فرق عليهم المخلوط على قدر حقهم ابن جماعة وغيره صرحوا بذلك وقد قال ابن عبد السلام عقب قول الإمام وغيره لو ا هـ هذا إن توقع معرفة أهله ، وإلا فهو لبيت المال كما تقرر فيصرف للمصالح وخرج بخلط أو اختلط عنده الاختلاط حيث لا تعدي [ ص: 46 ] كأن انثال بر على مثله فيشترك مالكاهما بحسبهما فإن استويا قيمة فبقدر كيلهما فإن اختلفا قيمة بيعا وقسم الثمن بينهما بحسب قيمتهما نظير ما يأتي في اختلاط حمام البرجين ولا تجوز قسمة الحب على قدر قيمتيهما للربا سيأتي لذلك مزيد قبيل الأضحية ( وللغاصب أن ) يفرز قدر المغصوب ، ويحل له الباقي كما مر وأن ( يعطيه ) أي المالك ، وإن أبى ( من غير المخلوط ) ؛ لأن الحق قد انتقل إلى ذمته لما تقرر من أن المختلط صار كالهالك ومن المخلوط إن خلط بمثله أو أجود مطلقا أو بأردأ إن رضي . عم الحرام قطرا بحيث ندر وجود الحلال فيه جاز أخذ المحتاج إليه ، وإن لم يضطر ولا يتبسط
( تنبيه ) قيل ليس الغاصب بأولى من المالك بملك الكل بل المالك أولى به لعدم تعديه وجوابه منع ذلك ؛ لأن المغصوب لما تعذر رد عينه لمالكه بسبب يقتضي شغل ذمة الغاصب به لتعديه مع تمكين المالك من أخذ بدله حالا جعل كالتالف للضرورة وذلك غير موجود في المالك إذ لا تعدي يقتضي ضمان ما للغاصب فلو ملك الكل لم يلزمه رد شيء وبفرض أنه يلزمه لا يلزمه الفور ففيه حيف أي حيف وقد يوجد الملك بدون الرضا للضرورة كأخذ مضطر طعام غيره قهرا عليه لنفسه أو لبهيمته وليس إباق القن كالخلط حتى يملكه الغاصب ؛ لأنه مرجو العود فيلزمه قيمته للحيلولة لعدم الضرورة المقتضية كونها للفيصولة ، وإنما لم يرجحوا قول الشركة ؛ لأنه صار مشاعا [ ص: 47 ] ففيه تملك كل حق الآخر بغير إذنه أيضا ، ومنع تصرف المالك قبل البيع أو القسمة هنا أيضا بسبب التعدي بل فوات حقه إذ قد يتأخر ذلك فلا يجد مرجعا بخلاف ما إذا علقنا حقه بالذمة فإنه يتصرف فيه حالا بحوالة أو نحوها ومن ثم صوب الزركشي قول الهلاك قال ويندفع المحذور بمنع الغاصب من التصرف فيه وعدم نفوذه منه حتى يعطي البدل كما مر وإذا كان المالك لو ملكه له بعوض لم يتصرف حتى يرضى بذمته فكيف بغير رضاه قيل كيف يستبعد القول بالملك وهو موجود في المذاهب الأربعة بل اتسعت دائرته عند الحنفية [ ص: 48 ] والمالكية .