أي لمن يظن منه عصره خمرا أو مسكرا كما دل عليه ربط الحرمة التي أفادها العطف بوصف عصره للخمر فلا اعتراض عليه خلافا لمن زعمه واختصاص الخمر بالمعتصر من العنب لا ينافي عبارته هذه خلافا لمن زعمه أيضا [ ص: 317 ] لأن عصره للخمر قرينة على عصره للنبيذ الصادق بالمتخذ من الرطب فذكره فيه للقرينة لا لأنه يسمى خمرا على أنه قد يسماه مجازا شائعا أو تغليبا ودليل ذلك { ( وبيع ) نحو ( الرطب والعنب لعاصر الخمر ) } الحديث . الدال على حرمة كل تسبب في معصية وإعانة عليها وزعم أن الأكثرين هنا على الحل أي مع الكراهة يتعين حمله على ما إذا شك في عصره له ومثل ذلك كل تصرف يفضي لمعصية كبيع مخدر لمن يظن أكله المحرم له وأمرد ممن عرف بالفجور وأمة ممن يتخذها لنحو غناء محرم وخشب لمن يتخذه آلة لهو وثوب حرير لرجل يلبسه فإن قلت هو هنا عاجز عن التسليم شرعا فلم صح البيع قلت ممنوع لأن العجز عنه ليس لوصف لازم في المبيع بل في البائع خارج عما يتعلق بالمبيع وشروطه وبه فارق البطلان الآتي في التفريق والسابق في لعنه صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها لأنه لوصف في ذات المبيع موجود حالة البيع . بيع السلاح للحربي
فإن قلت يشكل عليه صحة مع وجود ذلك فيه قلت يفرق بأن وصف الحرابة المقتضي لتقويتهم علينا به موجود حال البيع بخلاف وصف قطعه الطريق فإنه أمر مترقب ولا عبرة بما مضى منه فتأمل ذلك كله ليندفع عنك ما بيع السلاح لقاطع الطريق للسبكي وغيره هنا وأفتى وأقروه فيمن ابن الصلاح بأنها تباع عليها قهرا إذا تعين البيع طريقا إلى خلاصها كما أفتى حملت أمتها على فساد القاضي فيمن يكلف قنه ما لا يطيق بأنه يباع عليه تخليصا له من الذل ومحله إن لم يمكن تخليصه إلا ببيعه كما يشير إليه كلامهم ومن المنهي عنه أيضا احتكار القوت بأن يشتريه وقت الغلاء والعبرة فيه بالعرف [ ص: 318 ] ليبيعه بأكثر من ثمنه للتضييق حينئذ ومتى اختل [ ص: 319 ] شرط من ذلك فلا إثم وتسعير الإمام أو نائبه كالقاضي في قوت أو غيره ومع ذلك يعزر مخالفه خشية من شق العصا ولا ينافيه قولهم تجب طاعة الإمام فيما يأمر به ما لم يكن إثما لأن المراد كما هو ظاهر الإثم بالنسبة للفاعل لا للآمر والمأمور هنا غير آثم فحرمت المخالفة فيه نعم الذي يظهر أن محل هذه الحرمة بالنسبة لمن تظاهر به دون من أخفاه وعلى القاضي حيث لم يعتد تولية الحسبة لغيره لخروجها عن ولايته حينئذ إلا إن اعتيد مع ذلك بقاء نظر القاضي على الحسبة ومتوليها كما هو ظاهر في زمن الضرورة جبر من عنده زائد على كفاية ممونه سنة على بيع الزائد .