وإذا فإنما يسمي كل واحد منهم ليكون أوضح في البيان فالذي أقر به بالثلاثة نسميه الأكبر ، والذي صدقه في الاثنين نسميه الأوسط ، والذي صدقه في واحد نسميه الأصغر ثم نسمي الذي أقروا به جميعا متفقا عليه ، والذي أقر به اثنان مختلفا فيه ، والذي أقر به الأكبر خاصة نسميه مجحودا ثم نقول : المتفق عليه يأخذ من الأكبر سدس ما في يده ، ومن الأوسط خمس ما في يده فيضمه إلى ما في يد [ ص: 197 ] الأصغر ، ويقاسمه نصفين ; لأن الأكبر زعم أن الميت ترك ستة بنين ، وأن حق المتفق عليه في سدس كل جزء من التركة ، والذي في يده جزء من التركة فأخذ المتفق عليه منه سدس ما في يده لهذا ، والأوسط زعم أن الميت ترك خمسة بنين ، وأن حق المتفق عليه في خمس التركة ، وفي يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده ثم يضم ذلك كله إلى ما في يد الأصغر فيقتسمانه نصفين لتصادقهما أن حقهما في التركة سواء ثم يأخذ المختلف فيه من الأكبر خمس ما في يده ; لأن الأصغر قد كذب به فهو مع ما في يده في حقه كالمعدوم فإنما تبقى المعاملة بين خمسة فالأكبر يزعم أن حقه في خمس التركة ، وأن التركة في حقه ما في يده ، وما في يد الأوسط ، والأوسط مصدق به فإنما يأخذ هو مما في يد الأكبر خمس ما في يده لهذا ثم يضم ذلك إلى ما في يد الأوسط فيقاسمه نصفين ، وما بقي في يد الأكبر بينه وبين المجحود نصفين ; لأنهما تصادقا فيما بينهما فقد انكسر الحساب بالأخماس والأسداس فالسبيل أن يضرب خمسة في ستة فتكون ثلاثين ثم تضعف ذلك للحاجة إلى المقاسمة بالإنصاف فمنه تخرج المسألة . ترك الرجل ثلاثة بنين فاقتسموا المال ثم أقر أحدهم بثلاثة إخوة معا ، وصدقه أحد إخوته في ابنين منهما ، وصدقه الآخر في واحد من هذين ، وتكاذب الثلاثة في ما بينهم
وإن كان الأصغر إنما أقر بالذي أنكره الأوسط ، والمسألة بحالها فإن اللذين أقر بهما الأوسط يأخذان من الأكبر خمس ما في يده ; لأن الأصغر يكذب بهما فيجعل هو كالمعدوم في حقهما ، وإنما يبقى المعتبر في حقهما الأكبر ، والأوسط مع ما في يدهما ففي زعم الأكبر أن حق كل واحد منهما في الخمس ، وأن مالهما في يد الأوسط واصل إليهما من جهته فإنما يأخذان مما في يد الأكبر ما أقر لهما به ، وذلك خمسا ما في يده فيضمانه إلى ما في يد الأوسط ويقتسمانه أثلاثا لتصادقهم فيما بينهم ويأخذ الابن الذي أقر به الثالث ثلث ما في يد الأكبر ; لأن الأكبر زعم أن حقه في سهم ، وحقي في سهم إلا أن السهم الذي هو حقه نصفه في يدي ونصفه في يد الأصغر فإن الأوسط في حقه كالمعدوم ; لأنه مكذب به فإنما يضرب هو فيما في يده بنصف سهم ، والأكبر بسهم فلهذا يأخذ ثلث ما في يده فيضمه إلى ما في يد الثالث ، ويقاسمه نصفين لتصادقهما فيما بينهما فإن قيل كيف يستقيم مقاسمة الأولين مع الأوسط أثلاثا ، وهما مكذبان فيما بينهما قلنا نعم ، ولكن الأوسط مقر بهما ، والذي في يد كل واحد منهما مثل ما في يد صاحبه ، وإنما حاجتهما إلى المقاسمة مع الأوسط ، وذلك لا يختلف بتكاذبهما فيما بينهما ، وبتصادقهما فإن كان الثلاثة المقر بهم صدق بعضهم ببعض ، والذي أقر به الثالث هو أحد الابنين اللذين أقر بهما الأوسط فإن المتفق عليه هاهنا يبدأ بالأصغر لحاجته إلى مقاسمة صاحبه بتصديقه بهما [ ص: 198 ] فيأخذ من الأصغر ربع ما في يده ; لأن الأصغر يزعم أن الميت ترك أربعة بنين ، وأن حق المتفق عليه في ربع ما في يد الآخرين ، وذلك يصل إليه من جهتهما فلهذا يأخذ منه ربع ما في يده ، ويأخذ الأوسط خمس ما في يده ; لأن الأوسط يزعم أن الميت خلف ابنين ; لأن حقه في خمس كل جزء ، وفي يده جزء من التركة فيعطيه خمس ما في يده ، ويأخذ المختلف فيه من الأوسط في حقه ; لأن له ربع ما في يده ، وربع ما في يد الأكبر ، والأكبر مصدق به فلهذا يأخذ ربع ما في يده ثم يجمعان ذلك كله إلى ما في يد الابن المعروف ، وهو الأكبر فيقتسمون ذلك مع المجحود على أربعة أسهم بينهم بالسوية لتصادقهم أن حقهم في التركة سواء .
ولو كان الذي أقر به الثالث يأخذ منه ثلث ما في يده ; لأن الثالث ، وهو الأصغر مقر له بثلث ما في يده فإن الأوسط في حقه كالمعدوم ; لأنه مكذب له ، وإذا صار هو كالمعدوم ففي زعمه أن الابن للميت هو الأكبر ، وهذا الذي هو أقر به فلهذا يأخذ منه ثلث ما في يده ، ويأخذ اللذان أقر بهما الأوسط نصف ما في يد الأوسط ; لأن الأصغر في حقهما كالمعدوم فإنه مكذب بهما يبقى البنون أربعة في زعم الأوسط هو والأكبر ، وعلى هذا فلكل واحد من هذين ربع التركة باعتبار زعمه ، وفي يده جزء من التركة فإذا أخذ كل واحد منهما ربع ما في يده بزعمه عرفنا أنهما أخذا مما في يده النصف ثم يجمعون ذلك كله إلى ما في يد الأكبر فيقتسمونه على أربعة أسهم لتصادقهم فيما بينهم .