وإذا ، فإن ذوي قرابته كل ذي رحم محرم منه ، قال رضي الله عنه هنا خمسة ألفاظ إما أن يوصي لذوي قرابته أو لأقاربه أو لأنسابه أو لأرحامه أو لذوي أرحامه أوصى لذوي قرابته بالثلث يعتبر خمسة أشياء ذا رحم محرم واثنين فصاعدا ما سوى الوالد والولد ، ومن لا يرث والأقرب فالأقرب ، وفي قول فأبو حنيفة الأول يدخل فيها جميع ذوي رحم محرم منه الأقرب والأبعد في ذلك سواء ، ثم رجع ، فقال كل من يجمعه وأباه أقصى أب في الإسلام ويدخل في الوصية ذو الرحم وغير ذي الرحم المحرم كلهم سواء ، وهو قول أبي يوسف والاختلاف في موضعين أحدهما أنه يصرف إلى ذوي الرحم المحرم ولا يصرف إلى غيرهم عند محمد ، وعندهما ذو الرحم المحرم وغيره سواء . والثاني أنه يصرف إلى الأقرب فالأقرب عنده ، وعندهما يستوي فيه الأقرب والأبعد واتفقوا أنه لا يدخل فيها الوصية لوارث لقوله عليه السلام : { أبي حنيفة } ، وكذلك يعتبر الاثنان بالاتفاق ; لأن ذوي لفظ جمع وأقل الجمع اثنان في الميراث . لا وصية لوارث
( ألا ترى ) أن الأخوين ينقلان الأم من الثلث إلى السدس فكذلك في الوصية إذ هي أخت الميراث فلذلك لا يصرف إلى الولد ; لأنهما يسميان قرابة لقوله تعالى : { إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين } من بينهما فتبين أن الوالدين غير القرابة ، فإذا خرج الأب من أن يكون قريبا للابن خرج الابن من أن يكون قريبا للأب وهل يدخل فيها الجدود وولد الولد ففي الزيادات أنه يدخل ولم يذكر فيه خلافا وروى الحسن عن أن الجد وولد الولد لا يدخلان في الوصية ، وكذا روي عن أبي حنيفة ; لأن الجد بمنزلة الأب وولد الولد بمنزلة الولد ، وإنما اعتبر أبي يوسف ذا الرحم المحرم ; لأن الموصي قصد بالوصية صلة الرحم ; لأنه مأمور بها قال الله - تعالى - : { أبو حنيفة إن الله يأمر بالعدل [ ص: 156 ] والإحسان وإيتاء ذي القربى } ، وقال جل وعلا : { وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله } فلما كان مأمورا بصلة القرابة ، وإنما تجب الصلة ممن كان ذا رحم محرم منه فانصرفت الوصية إليه دون غيره ; لأن القرابة المطلقة قرابة ذي الرحم المحرم لاختصاصها بأحكام مخصوصة من عدم جواز المناكحة والعتق عند الملك وعدم الرجوع في الهبة ووجوب النفقة عند العشرة فانصرفت الوصية إليه ، وإنما اعتبر الأقرب فالأقرب ; لأن كل من كان أقرب إليه فهو أشبه بهذا اللفظ فكان أولى كما في العصبات وذوي الأرحام في الميراث والأقرب في الشفعة . وجه قول الأول أنه ينصرف إلى كل ذي رحم محرم منه الأقرب والأبعد منه سواء ; لأنهم في استحقاق الاسم سواء . أبي يوسف
( ألا ترى ) أنه لو أوصى لإخوته وله إخوة بعضهم لأب وأم وبعضهم لأب وبعضهم لأم أنهم في الوصية سواء ولا يعتبر الأقرب . وجه قوله الآخر ، وهو قول أنه يدخل فيه ذو الرحم المحرم وغير ذي الرحم المحرم ويصرف إلى كل من يجمعه . وأباه أقصى أب في الإسلام إن هذا اللفظ في الأبعدين أكثر استعمالا من الأقربين . محمد
( ألا ترى ) أنه لا يقال للأخ أو العم هذا قربى فيدخلون كلهم في الوصية .
( ألا ترى ) إلى ما روي في الخبر : { لما نزل قوله تعالى : { وأنذر عشيرتك الأقربين } جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرباءه سبعين نفسا ، وقال لهم إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد } ، وكان فيهم ذو رحم محرم وغيره فثبت أن كلهم في الوصية سواء إلا أنه لا يمكن أن يدخل فيه جميع أولاد آدم عليه السلام فيجعل الحد فيه من يجمعه وإياهم أقصى أب في الإسلام ; لأنه لما ورد الإسلام صارت المعرفة بأهل الإسلام وكان قبل ذلك يعرف بقبائل الجاهلية وهما إنما قالا ذلك في زمانهما ; لأن في ذلك الوقت ربما يبلغ إلى ثلاثة آباء أو أربعة آباء ولا يجاوز ذلك فتتبين أقرباؤه أما في زماننا فلا يمكن أن يعتبر ذلك ; لأن النسبة قد طالت فتقع الوصية لقوم مجهولين .
فإن فعند ترك عمين وخالين وهم ليسوا بورثة الوصية للعمين دون الخالين ; لأن العم أقرب من الخال ; لأنه من قبل الأب بدليل الولاية ، وعندهما الثلث بينهم بالسوية ولو كان أبي حنيفة كان للعم النصف والنصف للخالين عنده ; لأنه أوصى بلفظ الجمع ، وهو قوله ذوي وأقل الجمع في الوصية اثنان ويصرف النصف إلى الخالين ; لأنهما يستحقان اسم القرابة ، فإذا خرج العم من الوسط صار كأنه لم يترك إلا الخالين . له عم واحد وخالان