قال : وإذا فالمائة لمولاه لأنه مات عاجزا وقد انفسخت الكتابة وكانت الجناية في رقبته فيبطل حق ولي الجناية بموته لفوات محل حقه والمائة كسبه فهي لمولاه وهي على قول جنى المكاتب جناية ثم مات ولم يترك إلا مائة درهم ومكاتبته أكثر من ذلك ولم يقض عليه بالجناية المائة لولي الجناية ; لأن جنايته كانت دينا والدين يقضى من كسبه بعد وفاته ولو ترك وفاء بالجناية والمكاتبة كان عليه الأقل من قيمته ومن أرش الجناية لأن عقد الكتابة يبقى هاهنا فيستوفي المولى المكاتبة ويحكم بحريته بحياته فتصير جنايته دينا في ذمته بخلاف الأول ولو كان عليه دين مع ذلك بدئ بالدين لأن الدين أقوى فإنه مطلوب به قبل العجز وبعده مستوفيا من تركته سواء مات عن وفاء أو عن عجز بخلاف الجناية وعند الاجتماع يبدأ بالأقوى وروي عن زفر أنه قال : قلت قتادة : أخطأ لسعيد بن المسيب وإن كان قاضيا وإنما القضاء ما قضى به ويبدأ به في تركة المكاتب بدينه قال : نعم فإذا قضى الدين بقيت الجناية وبدل الكتابة وفيما بقي وفاؤهما فيكون الحكم ما بينا في الفصل الأول وإن كانت الجناية قد قضي بها خص وليها صاحب الدين بالتركة لأنه صار دينا متأكدا بقضاء القاضي كسائر الديون فالحاصل أن الدين أقوى الحقوق والكتابة أضعف الحقوق عليه من حيث إنه لا يحبس به في حال حياته والجناية تتوسط بينهما من حيث [ ص: 64 ] إنه يقضى بها عليه في حياته ويحبس لأجلها ولا تقضى من تركته بعد موته فلهذا بدأنا بالدين ثم بالجناية ثم بالكتابة إلا أن تتأكد الجناية بقضاء القاضي فحينئذ هي كالدين وهذا بخلاف حال حياة المكاتب فإنه إذا قضي بكسبه بدل الكتابة كان ذلك سالما للمولى ; لأن الحقوق في ذمته وذمته تتقوى بعتقه فكان التدبير إليه في تقديم ما بينا من ذلك فأما بعد الموت الحقوق في ماله فيبدأ بالأقوى لهذا . شريح