قال : وإذا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه عندنا استحسانا وفي القياس على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه ، وهو قول اصطدم الفارسان فوقعا جميعا فماتا زفر وجه القياس : أن كل واحد منهما إنما مات بفعله وفعل صاحبه ; لأن الاصطدام فعل منهما جميعا فإنما وقع كل واحد منهما بقوته وقوة صاحبه فيكون هذا بمنزلة ما لو جرح نفسه وجرحه غيره ، ولكنا استحسناه لما روي عن والشافعي رضي الله عنه أنه جعل دية كل واحد من المصطدمين على عاقلة صاحبه ، والمعنى فيه أن كل واحد منهما موقع لصاحبه فكأنه أوقعه عن الدابة بيده وهذا [ ص: 191 ] لأن دفع صاحبه إياه علة معتبرة لإتلافه في الحكم فأما قوة المصطدم فلا تصلح أن تكون علة معارضة لدفع الصادم ، فهو بمنزلة من علي يجب الضمان على الحافر ، وإن كان لولا مشيه وثقله في نفسه لما هوى في البئر ، وكذلك لو وقع في بئر حفرها رجل في الطريق ، فالضمان على الدافع دون الحافر ، وإن كان لولا حفره لذلك الموضع لما أتلفه بدفعه وعلى هذا الأصل قالوا : لو أن دفع إنسان غيره في بئر حفرها رجل في الطريق ، فإن مات كل واحد منهما بفعل صاحبه بأن وقع على وجهه فعلى عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه ; لأنه إنما وقع على وجهه بجذب صاحبه إياه ، وإن وقع كل واحد منهما على قفاه فلا شيء على واحد منهما ; لأن سقوطه على قفاه بقوة نفسه لا بجذب صاحبه إياه ، وإن سقط واحد منهما على وجهه ، والآخر على قفاه فدية الساقط على وجهه على عاقلة صاحبه ولو قطع إنسان الحبل بينهما فسقط كل واحد منهما على قفاه ومات فديتهما على عاقلة القاطع للحبل ; لأنه كالدافع لكل واحد منهما . رجلين تجاذبا حبلا فانقطع الحبل فماتا جميعا