ولو لم يقم عليه حد حتى يحضر مولاه في قول شهدوا عليه بقتل رجل عمدا أو قذف أو شرب خمر أبي حنيفة ، وقال ومحمد : يقضي عليه بذلك ، وإن لم يحضر مولاه ، وكذلك لو شهدوا عليه بإقراره بذلك ، ومولاه غائب ففيما يعمل فيه الرجوع عن الإقرار لا تقبل هذه الشهادة ، وفيما لا يعمل فيه الرجوع عن الإقرار لا تقبل هذه الشهادة ، وفيما لا يعمل فيه الرجوع عن الإقرار كالقصاص وحد القذف فهو على الخلاف الذي بينا ، ولا خلاف أنه لو أقر به قضى القاضي به عليه أبو يوسف يقول : المستحق بهذه الأسباب هو خالص حقه وهو دمه فإن وجوب العقوبات عليه باعتبار معنى النفسية دون المالية ، وهو في حكم النفسية مبقى على أصل الحرية ، ولهذا تقام عليه هذه العقوبات بإقراره ، وإن كان المولى غائبا أو مكذبا له ، ولا يقبل إقرار المولى بشيء من ذلك فلا يشترط حضور المولى ; لقبول البينة عليه بذلك ، وهما يقولان في القضاء بهذه البينة مع غيبة المولى إبطال حقه من أوجه : أحدهما : أنه يستوفي هذه العقوبة فتفوت به مالية المولى أو تنتقص ، والثاني أنه يخرج من يد المولى إذا حضر مجلس الحكم لإقامة الحد عليه بذلك ، واليد مستحقة للمولى . فأبو يوسف
والثالث : أن له حق الطعن في الشهود لو كان حاضرا فبالقضاء عليه قبل حضوره يبطل حق الطعن الثابت له ، وإبطال حقه بالقضاء حال غيبته لا يجوز بخلاف الإقرار فإن الإقرار موجب للحق بنفسه ، وليس للمولى حق الطعن في إقراره فلا تفوت به يده ، ولا حقه في الطعن ثم لا تهمة في إقراره على نفسه ; لأن ما يلحقه بالضرر بذلك فوق ما يلحق مولاه ، وقد بينا هذه المعاني في كتاب الآبق .
وأما الصبي والمعتوه المأذون لهما فلا يلزمهما شيء من ذلك في الإقرار ، ولا في الشهادة على الفعل ; لأنهما غير مخاطبين ، والأهلية للعقوبة تنبني على كون المباشر مخاطبا لا في القتل خاصة إذا كان أب الصبي أو المعتوه أو وصيهم حاضرا فإنه يقضي بالدية على عاقلتهما . [ ص: 37 ] وفي حالة غيبة الولي لا يقضي بذلك ، ولو شهدوا عليهما بالإقرار بالقتل فالشهادة باطلة ; لأن القتل ليس من التجارة ، وفيما ليس من التجارة المأذون والمحجور سواء ، ولا قول له في ذلك ، والخصم في إثبات البينة عليه الولي فبدون حضرة المولى لا يقضي بشيء ، وبعد حضوره الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ، وإنه مما يوجب الدية على العاقلة .