وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=14751وكل رجلا بالخصومة ، ثم عزله بغير علم منه لم ينعزل عندنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - ينعزل لأن نفوذ الوكالة لحق الموكل فهو بالعزل يسقط حق نفسه وينفرد المرء بإسقاط حق نفسه ، ألا ترى أنه يطلق زوجته ويعتق عبده بغير علم منهما ويكون ذلك صحيحا .
والثاني - الوكالة للموكل لا عليه ، ولهذا لا يكون ملزما إياه ، فلو لم ينفرد بالعزل قبل علم الوكيل به ، كان ذلك عليه من وجه ، وذلك لا يجوز ، ولكنا نقول :
[ ص: 16 ] العزل خطاب ملزم للوكيل بأن يمتنع من التصرف ، وحكم الخطاب لا يثبت في حق المخاطب ما لم يعلم به كخطاب الشرع ، فإن أهل
قباء كانوا يصلون إلى
بيت المقدس بعد الأمر بالتوجه إلى
الكعبة ، وجوز لهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لم يعلموا به ، وكذلك كثير من الصحابة شربوا الخمر بعد نزول تحريمها قبل علمهم بذلك ، وفيه نزل قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=93ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } ولأن هذا الخطاب مقصود للعمل ولا يتمكن من العمل ما لم يعلم ، ولو أثبتنا العزل في حق الوكيل قبل علمه أدى إلى الإضرار به والغرر ، ولم يثبت للوكيل عليه ولاية الإضرار به وهذا بخلاف ما إذا أعتق العبد الذي وكله ببيعه ; لأن العزل هناك حكمي لضرورة فوات المحل ، فلا يتوقف على العلم ، وهنا إنما يثبت العزل قصدا فلا يثبت حكمه في حق الوكيل ما لم يعلم به دفعا للضرر عنه ، حتى إذا نفذ القاضي القضاء على الوكيل قبل علمه بالعزل كان نافذا .
وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14751وَكَّلَ رَجُلًا بِالْخُصُومَةِ ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ لَمْ يَنْعَزِلْ عِنْدَنَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَنْعَزِلُ لِأَنَّ نُفُوذَ الْوَكَالَةِ لِحَقِّ الْمُوَكِّلِ فَهُوَ بِالْعَزْلِ يُسْقِطُ حَقَّ نَفْسِهِ وَيَنْفَرِدُ الْمَرْءُ بِإِسْقَاطِ حَقِّ نَفْسِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَيُعْتِقُ عَبْدَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُمَا وَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا .
وَالثَّانِي - الْوَكَالَةُ لِلْمُوَكِّلِ لَا عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا لَا يَكُونُ مُلْزِمًا إيَّاهُ ، فَلَوْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِهِ ، كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ :
[ ص: 16 ] الْعَزْلُ خِطَابٌ مُلْزِمٌ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ ، وَحُكْمُ الْخِطَابِ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَخِطَابِ الشَّرْعِ ، فَإِنَّ أَهْلَ
قُبَاءَ كَانُوا يُصَلُّونَ إلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالتَّوَجُّهِ إلَى
الْكَعْبَةِ ، وَجَوَّزَ لَهُمْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ ، وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ شَرِبُوا الْخَمْرَ بَعْدَ نُزُولِ تَحْرِيمِهَا قَبْلَ عِلْمِهِمْ بِذَلِكَ ، وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=93لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } وَلِأَنَّ هَذَا الْخِطَابَ مَقْصُودٌ لِلْعَمَلِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْعَزْلَ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ أَدَّى إلَى الْإِضْرَارِ بِهِ وَالْغَرَرِ ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهِ وِلَايَةُ الْإِضْرَارِ بِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الَّذِي وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ ; لِأَنَّ الْعَزْلَ هُنَاكَ حُكْمِيٌّ لِضَرُورَةِ فَوَاتِ الْمَحَلِّ ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ ، وَهُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ الْعَزْلُ قَصْدًا فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ ، حَتَّى إذَا نَفَّذَ الْقَاضِي الْقَضَاءَ عَلَى الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ كَانَ نَافِذًا .