( قال ) وإذا أجزأه في قول خطب بتسبيحة واحدة أو بتهليل أو بتحميد وقال أبي حنيفة أبو يوسف رحمهما الله تعالى : لا يجزئه حتى يكون كلاما يسمى خطبة وقال ومحمد رضي الله عنه : لا يجزئه حتى يخطب خطبتين يقرأ فيهما شيئا من القرآن ويجلس بينهما جلسة واستدل بالتوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا والتوارث كالتواتر ولكنا قد روينا { الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء كان يخطب خطبة واحدة فلما أسن جعلها خطبتين وجلس بينهما } فدل على أنه إنما فعل ذلك ليكون أروح عليه لا لأنه شرط وأبو يوسف قالا : الشرط الخطبة ومن قال : الحمد لله أو قال : لا إله إلا الله فهذه الكلمة لا تسمى خطبة وقائلها لا يسمى خطيبا فما لم يأت بما يسمى خطبة لا يتم شرط الجمعة ومحمد رحمه الله تعالى استدل بما روي أن وأبو حنيفة رضي الله عنه لما استخلف صعد المنبر فقال : الحمد لله فارتج عليه فقال : إن عثمان أبا بكر رضي الله عنهما كانا يعدان لهذا المكان مقالا [ ص: 31 ] أو قال يرتادان أنتم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال وستأتي الخطب الله أكبر ما شاء الله فعل ونزل وصلى الجمعة ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فدل أنه يكتفي بهذا القدر . ولما أتى وعمر الحجاج العراق صعد المنبر فقال : الحمد لله فارتج عليه فقال : يا أيها الناس قد هالني كثرة رءوسكم وأحداقكم إلي بأعينكم وإني لا أجمع عليكم بين الشح والعي إن لي نعما في بني فلان فإذا قضيتم الصلاة فانتهبوها ونزل وصلى معه من بقي من الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما ولأن المنصوص عليه الذكر قال الله تعالى { وأنس بن مالك فاسعوا إلى ذكر الله } وقد بينا أن الذكر بها ثبت بالنص والذكر يحصل بقوله الحمد لله فما زاد عليه شرط الكمال لا شرط الجواز وهو نظير ما قال أن فرض القراءة يتأدى بآية واحدة ثم قوله الحمد لله كلمة وجيزة تحتها معان جمة تشتمل على قدر الخطبة وزيادة والمتكلم بقوله الحمد لله كالذاكر لذلك كله فيكون ذلك خطبة لكنها وجيزة وقصر الخطبة مندوب إليه جاء عن أبو حنيفة رضي الله عنه قال : طولوا الصلاة وقصروا الخطبة وقال عمر رضي الله عنه : طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل إلا أن الشرط عند ابن مسعود رضي الله عنه أن يكون قوله الحمد لله على قصد الخطبة حتى إذا عطس وقال : الحمد لله يريد به الحمد على عطاسه لا ينوب عن الخطبة هكذا نقل عنه مفسرا في الأمالي أبي حنيفة