وإن فللوكيل أن يرده ; لأن الرد بالعيب من حقوق العقد ، والوكيل فيه كالعاقد لنفسه فما دامت العين في يده فهو متمكن من ردها بدون استطلاع رأي الموكل ، فإن أخذه ورضيه ، وكان العيب غير مستهلك له فهو لازم للآمر ، وإن كان العيب فاحشا يستهلك العبد فيه ، لزم الوكيل دون الآمر استحسن ذلك إلا أن يشاء الآمر ، وذكر في السير الكبير أن على قول وكله أن يشتري له عبدا بعينه فاشتراه ، ثم وجد به عيبا قبل أن يقبضه الوكيل ، : رضي الله عنه العيب اليسير ، والفاحش فيه سواء ، وهو لازم للآمر إن اشتراه بمثل قيمته ; لأن أخذه مع العلم بالعيب كشرائه ابتداء مع العلم بالعيب ، ومن أصل أبي حنيفة رضي الله عنه أن العيب المستهلك لا يمنع الوكيل من الشراء للآمر بمثل قيمته ، فكذلك لا يمنعه من القبض ، والرضا به عند الأخذ ، ومن أصلهما أن ذلك يمنع شراءه للآمر ابتداء ; لأن الموكل لم يقصد ذلك ، وهو معلوم عرفا فكذلك رضاه عند الأخذ ، وهذه مسألة كتاب الوكالة ، وقد بينا هناك ، ولئن كانت المسألة في قولهم كما أطلق في الكتاب ، فوجهه : أن الرضا بالعيب اليسير [ ص: 63 ] من الوكيل بالشراء ، ملزم للآمر بخلاف العيب الفاحش ، فكذلك الرضا بالعيب اليسير يكون ملزما للآمر بخلاف الرضا بالعيب الفاحش ، إلا أن يشاء الآمر ، وإن لم يجد بالعبد عيبا ، ولكنه قتل عند البائع ، فالوكيل بالخيار إن شاء فسخ البيع ، وإن شاء أجازه ، كما لو اشتراه لنفسه ، وهذا ; لأن المبيع تحول من جنس إلى جنس ، وتأثير ذلك في إثبات الخيار فوق تأثير العيب ، فإن أجازه كانت القيمة له دون الآمر ; لأن مقصود الآمر تحصيل العبد له ، ولا يحصل ذلك بالقيمة فرضا الوكيل ، بها لا يلزم الآمر إلا أن يشاء أخذ ذلك فيكون أحق به من المشتري لأنها بدل ملكه فالملك في العبد بالشراء ، وقع له فإذا رضي أن يأخذه فهو أحق به . أبي حنيفة