وكذلك لو فعليه مثلها ، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم ، ولا إلى رخصها ، وكذلك كل ما يكال ، أو يوزن فالحاصل ، وهو أن المقبوض على وجه القرض مضمون بالمثل ، قال : أقرضني عشرة دراهم بدينار ، فأعطاه عشرة دراهم ، والقرض لا يتعلق بالجائز من الشروط فالفاسد من الشروط لا يبطله ، ولكن يلغو شرط رد شيء آخر فعليه أن يرد مثل المقبوض ، وكذلك ما يعد من الجوز ، والبيض ، وإن اقترض الجوز بالكيل فهو جائز ; لأنه يكال تارة ، ويعد أخرى ، وقد بينا جواز السلم في الجوز كيلا وعددا ، وما فيه من خلاف وكل ما كان من ذوات الأمثال يجوز فيه الاستقراض فكذلك حكم القرض فيه ، والإقراض جائز مندوب إليه ; لقوله : صلى الله عليه وسلم { زفر القرض مرتين ، والصدقة مرة } ، وقال صلى الله عليه وسلم { } ، وقيل : معناه أنه لا [ ص: 31 ] يستقرض إلا المحتاج ، وقد يتصدق على غير المحتاج ، ثم الأصل فيه أن ما يكون مضمونا بالمثل على الغاصب ، والمستهلك له يجوز استقراضه ; لأن المقبوض بحكم القرض مضمون بالمثل من غير احتمال الزيادة ، والنقصان ، وما يكون مضمونا بالقيمة لا يجوز الاستقراض فيه ; لأن طريق معرفة القيمة الحزر والظن ، فلا تثبت به المماثلة المعتبرة في القرض كما لا تثبت به المماثلة المشروطة في مال الربا ، وأصل آخر ، وهو أن القرض في معنى العارية ; لأن ما يسترده المقرض في الحكم كأنه عين ما دفع ; إذ لو لم يجعل كذلك كان مبادلة الشيء بجنسه نسيئة ، وذلك حرام فكل ما يحتمل حقيقة الإعارة مما ينتفع به مع بقاء عينه لا يجوز إقراضه ; لأن إعارته لا تؤثر في عينه حتى لا تملك به العين ، ولا يستحق استدامة اليد فيه ، فكذلك إقراضه لا يثبت ملكا صحيحا في عينه ، وكل ما يتأتى فيه الإعارة حقيقة مما لا ينتفع به إلا مع بقاء عينه ، فإقراضه وإعارته سواء ; لأن منافعه لا تنفصل عن عينه فإقراضه وإعارته تمليك لعينه . الصدقة بعشر أمثالها ، والقرض بثمانية عشر