فإذا أو اشترى عبدين فإذا أحدهما مدبر أو مكاتب جاز البيع في الآخر سواء سمى لكل واحد منهما ثمنا أو لم يسم وعند اشترى جاريتين فإذا أحدهما أم ولد لا يجوز ; لأن الإيجاب في المدبر والمكاتب وأم الولد فاسد لما ثبت لهم من حق العتق ، وقد جعل ذلك شرطا لقبول العقد في الفرق بينهما فيفسد العقد كما في مسألة الحر ، وجه قولهما أن كل واحد منهما دخل في العقد ; لأن دخول الآدمي في العقد باعتبار الرق والتقوم ، وذلك موجود فيهما ثم استحق أحدهما نفسه فكان بمنزلة ما لو استحقه غيره بأن زفر فهناك البيع جائز في الآخر سواء سمى لكل واحد منهما ثمنا أو لم يسم يوضحه أن المبيع في المدبر ليس بفاسد على الإطلاق بدليل جواز بيع المدبر من نفسه فإنه إذا باع نفس المدبر من نفسه يجوز ، وبدليل أن القاضي إذا قضى بجواز بيع المدبر ينفذ قضاؤه وكذلك المكاتب فإن بيعه من نفسه جائز ولو باعه [ ص: 5 ] من غيره برضاه جاز في أصح الروايتين والذي روي في النوادر عن باع عبدين فاستحق أحدهما أبي حنيفة - رحمهما الله - بخلاف هذا غير معتمد عليه ، وكذلك وأبي يوسف جائز ولو قضى القاضي بجواز بيعها نفذ قضاؤه عند بيع أم الولد من نفسها أبي حنيفة - رحمهما الله - ولم ينفذ عند وأبي يوسف ; لأن عنده إجماع التابعين - رحمهم الله - على فساد بيعها يرفع الخلاف الذي كان في عهد الصحابة - رضوان الله عليهم - فإن هذه المسألة كان مختلفا فيها في الصدر الأول فكان محمد رضي الله عنه يقول بأن بيع أم الولد لا يجوز عمر رضي الله عنه كان يقول : بأنه يجوز ، ثم من بعدهم من السلف - رحمهم الله - اتفقوا على أن بيع أم الولد لا يجوز . ، وعلي
والحاصل أن الإجماع المتأخر هل يرفع الاختلاف المتقدم عند أبي حنيفة رحمهما الله لا يرفع ، وعند وأبي يوسف يرفع وقضاء القاضي بخلاف الإجماع لا ينفذ وعندهما ليس لإجماع التابعين - رحمهم الله - من القوة ما يرفع الخلاف الذي كان بين الصحابة - رضوان الله عليهم - فكان هذا قضاء في فصل مجتهد فيه فإذا ثبت أن المحل قابل للبيع حتى نفذ قضاء القاضي فيه ، وقضاء القاضي لا ينفذ في غير محله عرفنا أنه دخل في العقد ، ثم خرج فصار كما لو خرج بالهلاك قبل القبض فيبقى العقد صحيحا في الآخر حتى إذا كان قبضهما لزم البيع في القن بحصة من الثمن ، وكذلك إن كان عالما بذلك وقت البيع وإن لم يكن عالما به وقت البيع ولكن علم بذلك بعد القبض كان له أن يرد القن منهما لتفرق الصفقة قبل التمام فإن خيار تفرق الصفقة بمنزلة خيار العيب فإنما يثبت إذا لم يكن معلوما له محمد