باب الرقبى قال : ( لم تكن حبيسا ، وكان ذلك ميراثا ) ; لأن قوله " حبيس " أي : محبوس ، فعيل بمعنى مفعول ، كالقتيل بمعنى المقتول ، ومعناه : محبوس عن سهام الورثة ، وسهام الورثة في ماله بعد موته حكم ثابت بالنص ، فلا يتمكن من إبطاله بقوله . وهو معنى قول رجل حضره الموت فقال : " داري هذه حبيس " : : لا حبيس عن فرائض الله - تعالى - وجاء شريح محمد - صلى الله عليه وسلم - ببيع الحبيس .
وكذلك إن : فهو باطل ; لأن معناه محبوس على ملكهم لا يتصرفون فيه بالإزالة ، كما يفعله المالك ، وهو مخالف لحكم الشرع ; فكان باطلا . قال : ( ولو قال : داري هذه حبيس على عقبي بعد موتي : فهو باطل في قول قال داري هذه لك رقبى أبي حنيفة رحمهما الله ، وقال ومحمد رحمه الله : هي هبة صحيحة إذا قبضها ، وكذلك لو قال : لك حبيس ) ، أبو يوسف استدل بحديث فأبو يوسف عن ابن الزبير رضي الله عنهما { جابر } والمعنى فيه : أن قوله : " داري لك تمليك " صحيح . وقوله : " حبيس أو رقبى " باطل . فكأنه لم يذكر ذلك . يوضحه : أن معنى قوله : داري لك رقبى ، ملكتك داري هذه ، فأرقب موتك ; لتعود إلي ، فيكون بمنزلة العمرى في معنى الانتظار والتعليق بالعود إليه دون التمليك ، فيبقى التمليك في الحال صحيحا . وحجتهما في ذلك : حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز العمرى والرقبى . الشعبي عن رحمهما الله { شريح } ، والحديثان صحيحان ; فلا بد من التوفيق بينهما ، فنقول : الرقبى قد تكون من الإرقاب ، وقد تكون من الترقب ، حيث قال : أجاز الرقبى ، يعني : إذا كان من الإرقاب ، بأن يقول : رقبة داري لك . وحيث قال : رد الرقبى إذا كان من الترقب ، وهو أن يقول : أراقب موتك ، فراقب موتي ، فإن مت فهي لك ، وإن مت فهي لي ; فيكون هذا تعليق التمليك بالخطر ، وهو موت المملك قبله ، وذلك باطل ، ثم لما احتمل المعنيان جميعا ، والملك لذي اليد فيها يقينا ، فلا يزيله بالشك ، وإنما يكون قوله : " داري لك " تمليكا ، إذا لم يفسر هذه الإضافة بشيء . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز العمرى ، ورد الرقبى
أما إذا فسرها بقوله : رقبى أو حبيس ، يتبين أنه ليس بتمليك ، كما لو قال : داري لك سكنى تكون عارية ; وهذا لأن الكلام المبهم إذا تعقبه تفسير ، فالحكم لذلك التفسير .