قال : ( إذا : فهذا كله عوض ) ; لأن الشرط في التعويض أن يضيف إلى الموهوب ليندفع به الغرر عن الواهب ، ويعلم الواهب أنه يعطيه جزاء صنعه ، وإتماما لمقصوده ، وقد حصل ذلك بهذه الألفاظ ، فإنما ينبني الحكم على ما هو المقصود فإذا حصل ذلك فالعبارات فيه سواء ، فإن استحقت الهبة كان للمعوض أن يرجع في عوضه ; لأنه إنما عوضه ليتم سلامة الموهوب له بإسقاط حق الواهب في الرجوع ، وقد فات ذلك عليه باستحقاق الموهوب فيتمكن من الرجوع في العوض ، أو لأن المعوض كالواهب ، فإذا استحق الموهوب فلم يبق له - بمقابلة هبته - شيء فكان له أن يرجع بالهبة ، وإن كان عوض الموهوب له الواهب من هبته عوضا فقال : هذا عوض من هبتك ، أو ثواب من هبتك ، أو بدلها أو مكانها ضمنه قيمته وروى المعوض هالكا بشر عن رحمهما الله أنه لا يضمنه شيئا ; لأن المعوض واهب ، وقبض الهبة ليس بقبض ضمان ; ولأنه تبين أنه بمنزلة الواهب - ابتداء - فيكون حقه في الرجوع مقصورا على العين لحق الواهب ابتداء . أبي يوسف
وجه ظاهر الرواية أن المعوض إنما رضي بالتعويض ليتم له به سلامة الهبة . فإذا استحق فقد [ ص: 77 ] تمكن الخلل في رضاه فيجعل كما لو قبض الواهب بغير رضاه ، وهلك في يده فعليه ضمان القيمة ; ولأن الواهب عاد له في هبة المستحق ، ولولا ذلك ما عوضه ، وللمغرور أن يدفع الغرر عن نفسه بالرجوع على الغار بما لحقه من الخسران . يوضحه : أن التعويض لا يكون إلا مضافا إلى الهبة ، والتمليك مضافا إلى بدل مستحق يكون فاسدا ، فتبين أن الواهب قبضه لنفسه بسبب فاسد ، وكان مستحق الرد عليه عند قيامه مضمونا بالقيمة بعد هلاكه ، وإن استحق العوض كان للواهب أن يرجع في هبته إذا كانت قائمة بعينها لم تزدد خيرا ; لأن التعويض بطل بالاستحقاق من الأصل فظهر الحكم الذي كان قبل التعويض .