كتاب المفقود ( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام
أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي إملاء : المفقود اسم لموجود هو حي باعتبار أول حاله ولكنه خفي الأثر كالميت باعتبار مآله ، وأهله في طلبه يجدون ، ولخفاء أثر مستقره لا يجدون قد انقطع عليهم خبره واستتر عليهم أثره ، وبالجد ربما يصلون إلى المراد وربما يتأخر اللقاء إلى يوم التناد والاسم في اللغة من الأضداد يقول الرجل : فقدت الشيء أي أضللته ، وفقدته أي طلبته وكلا المعنيين يتحقق في المفقود ، فقد ضل عن أهله وهم في طلبه ،
nindex.php?page=treesubj&link=14155_14154_14160_12766وحكمه في الشرع أنه حي في حق نفسه حتى لا يقسم ماله بين ورثته ، ميت في حق غيره حتى لا يرث هو إذا مات أحد من أقربائه ; لأن ثبوت حياته باستصحاب الحال فإنه علم حياته فيستصحب ذلك ما لم يظهر خلافه ، واستصحاب الحال معتبر في إبقاء ما كان على ما كان غير معتبر في إثبات ما لم يكن ثابتا ، وفي الامتناع من قسمة ماله بين ورثته إبقاء ما كان على ما كان ، وفي توريثه من الغير إثبات أمر لم يكن ثابتا له ، ولأن حياته باعتبار الظاهر ، والظاهر حجة لدفع الاستحقاق ، وليس بحجة
[ ص: 35 ] للاستحقاق ، فلا يستحق به ميراث غيره ، ويندفع به استحقاق ورثته لماله بهذا الظاهر ; ولهذا لا تتزوج امرأته عندنا ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله تعالى عنه كما بدأ به الكتاب من قوله في
nindex.php?page=treesubj&link=12759امرأة المفقود : إنها امرأة ابتليت فلتصبر حتى يستبين موت أو طلاق ، وبه كان يأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم كما قال : قد سمعنا أن امرأته تتربص أربع سنين ، وليس ذلك بشيء هي امرأة ابتليت فلتصبر ، وتربص أربع سنين كان يقول به
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه في الابتداء ثم رجع إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك كان يأخذ بقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فيقول : الظاهر أنه يوقف على خبره بعد هذه المدة أن لو كان حيا ، والبناء على الظاهر واجب فيما لا يوقف على حقيقته ، خصوصا إذا وقعت الحاجة إلى دفع الضرر عنها ، وقد مست الحاجة إلى دفع الضرر عنها لكي لا تبقى معلقة .
ألا ترى أنه يفرق بين العنين وامرأته بعد مضي سنة لدفع الضرر عنها ، وبين المولى وامرأته بعد أربعة أشهر لدفع الضرر عنها ، ولكن عذر المفقود أظهر من عذر المولى والعنين فيعتبر في حقه المدتان في التربص ، وذلك بأن تجعل الشهور سنين ، فلهذا تتربص ولا نأخذ بهذا ; لأن نكاحه حقه ، وهو حي في إبقاء ملكه وحقه عليه ، ولو مكنا زوجته من أن تتزوج كان فيه حكم بالموت ضرورة ، إذ المرأة لا تحل لزوجين في حالة واحدة فيجب قسمة ماله أيضا ، وذلك ممتنع ما لم يقم على موته دليل موجب له . والتقدير بالمدة في حق المولى والعنين لدفع ظلم التعليق ، ولا يتحقق معنى الظلم من المفقود فقلنا : إنها امرأة ابتليت فلتصبر ، ولو شاء الله تعالى لابتلاها بأشد من هذا . فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=12755_14162لم يظهر خبره فظاهر المذهب أنه إذا لم يبق أحد من أقرانه حيا ، فإنه يحكم بموته ; لأن ما تقع الحاجة إلى معرفته فطريقه في الشرع الرجوع إلى أمثاله كقيم المتلفات ، ومهر مثل النساء وبقاؤه بعد موت جميع أقرانه نادر ، وبناء الأحكام الشرعية على الظاهر دون النادر .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد رحمه الله يقول : إذا تم مائة وعشرون سنة من مولده يحكم بموته ، وهذا يرجع إلى قول أهل الطبائع والنجوم ، فإنهم يقولون لا يجوز أن يعيش أحد أكثر من هذه المدة ; لأن اجتماع التحسين يحصل للطباع الأربع في هذه المدة ، ولا بد من أن يضاد واحد من ذلك طبعه في هذه المدة فيموت ، ولكن خطأهم في هذا قد تبين للمسلمين بالنصوص الواردة في طول عمر بعض من كان قبلنا
كنوح صلوات الله وسلامه عليه وغيره ، فلا يعتمد على هذا القول ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله قال : إذا مضى مائة سنة من مولده يحكم بموته ; لأن الظاهر أن أحدا في زماننا
[ ص: 36 ] لا يعيش أكثر من مائة سنة .
وحكي أنه لما سئل عن معنى هذا قال : أبينه لكم بطريق محسوس ، فإن المولود إذا كان ابن عشر سنين يدور حول أبويه هكذا وعقد عشرا ، فإن كان ابن عشرين سنة فهو بين الصبا والشباب هكذا وعقد عشرين ، فإن كان ابن ثلاثين سنة يستوي هكذا وعقد ثلاثين ، فإذا كان ابن أربعين تحمل عليه الأثقال هكذا وعقد أربعين ، فإذا كان ابن خمسين ينحني من كثر الأثقال والأشغال هكذا وعقد خمسين ، فإذا كان ابن ستين ينقبض للشيخوخة هكذا وعقد ستين ، فإذا كان ابن سبعين يتوكأ على عصا هكذا وعقد سبعين ، فإذا كان ابن ثمانين يستلقي هكذا وعقد ثمانين ، فإذا كان ابن تسعين تنضم أمعاؤه هكذا وعقد تسعين ، فإذا كان ابن مائة سنة يتحول من الدنيا إلى العقبى كما يتحول الحساب من اليمنى إلى اليسرى .
وهذا يحمل من
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف على طريق المطايبة إلا أن يكون يعرف الحكم بمثل هذا ، وهو كما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله أنه سئل عن بنات العشر من النساء فقال : لهو اللاهين ، فسئل عن بنات العشرين فقال : لذة المعانقين ، فسئل عن بنات الخمسين فقال : عجوز في الغابرين ، وسئل عن بنات الستين فقال : لعنة اللاعنين . وكان
محمد بن سلمة يفتي في المفقود بقول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف حتى تبين له خطؤه في نفسه ، فإنه عاش مائة سنة وسبع سنين . فالأليق بطريق الفقه أن لا يقدر بشيء ; لأن نصب المقادير بالرأي لا يكون ولا نص فيه ، ولكن نقول : إذا لم يبق أحد من أقرانه يحكم بموته اعتبارا لحاله بحال نظائره .
( وذكر ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمهما الله قال لقيت : المفقود نفسه فحدثني حديثه قال : أكلت حريرا في أهلي ثم خرجت فأخذني نفر من الجن فمكثت فيهم ثم بدا لهم في عتقي فأعتقوني ، ثم أتوا بي قريبا من
المدينة فقالوا أتعرف النخل فقلت : نعم فخلوا عني فجئت ، فإذا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أبان امرأتي بعد أربع سنين وحاضت وانقضت عدتها وتزوجت فخيرني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بين أن يردها علي وبين المهر . وأهل الحديث رحمهم الله يرون في هذا الحديث أنه هم بتأديبه حين رآه ، وجعل يقول : يغيب أحدكم عن زوجته هذه المدة الطويلة ، ولا يبعث بخبره فقال : لا تعجل يا أمير المؤمنين ، وذكر له قصته .
وفي هذا الحديث دليل لمذهب أهل السنة والجماعة رحمهم الله في أن
nindex.php?page=treesubj&link=12766_12772_26750الجن قد يتسلطون على بني آدم ، وأهل الزيغ ينكرون ذلك على اختلاف بينهم . فمنهم من يقول : المستنكر دخولهم
[ ص: 37 ] في الآدمي لأن اجتماع الروحين في شخص لا يتحقق ، وقد يتصور تسلطهم على الآدمي من غير أن يدخلوا فيه ، ومنهم من قال : هم أجسام لطيفة ، فلا يتصور أن يحملوا جسما كثيفا من موضع إلى موضع ، ولكنا نقول : نأخذ بما وردت به الآثار قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11094إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم } ، وقال صلى الله عليه وسلم : {
إنه يدخل في رأس الإنسان فيكون على قافية رأسه } حديث فيه طول ، وهذا الحديث دليل لنا أيضا فنتبع الآثار ، ولا نشتغل بكيفية ذلك ، وكأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه إنما رجع عن قوله في امرأة المفقود لما تبين من حال هذا الرجل ، وأما تخييره إياه بين أن يردها عليه وبين المهر فهو بناء على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه في
nindex.php?page=treesubj&link=12772_10998المرأة إذا نعي إليها زوجها فاعتدت ، وتزوجت ثم أتى الزوج الأول حيا إنه يخير بين أن ترد عليه وبين المهر ، وقد صح رجوعه عنه إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ، فإنه كان يقول ترد إلى زوجها الأول ، ويفرق بينها وبين الآخر ، ولها المهر بما استحل من فرجها ، ولا يقربها الأول حتى تنقضي عدتها من الآخر وبهذا كان يأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم رحمه الله فيقول : قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أحب إلي من قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ، وبه نأخذ أيضا ; لأنه تبين أنها تزوجت ، وهي منكوحة ومنكوحة الغير ليست من المحللات بل هي من المحرمات في حق سائر الناس كما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24والمحصنات من النساء } فكيف يستقيم تركها مع الثاني ، وإذا اختار الأول المهر ، ولكن يكون النكاح منعقدا بينهما فكيف يستقيم دفع المهر إلى الأول ، وهو بدل بضعها فيكون مملوكا لها دون زوجها كالمنكوحة إذا وطئت بشبهة ، فعرفنا أن الصحيح أنها زوجة الأول ، ولكن لا يقربها لكونها معتدة لغيره كالمنكوحة إذا وطئت بالشبهة .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه رجع عن ثلاث قضيات إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ، عن
امرأة أبي كنف ، والمفقود زوجها ، والمرأة التي تزوجت في عدتها . أما حكم المفقود والمعتدة فقد بينا . وأما حديث
أبي كنف فهو ما رواه
إبراهيم أن
أبا كنف طلق امرأته فأعلمها وراجعها قبل انقضاء العدة ولم يعلمها ، فجاء وقد تزوجت فأتى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فقص عليه القصة فقال له : إن وجدتها لم يدخل بها فأنت أحق بها ، وإن كان قد دخل بها فليس لك عليها سبيل ، فقدم وقد وضعت القصة على رأسها فقال لهم : إن لي إليها حاجة فخلوا بيني وبينها ، فوقع عليها وبات عندها ، ثم غدا إلى الأمير بكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فعرفوا أنه جاء بأمر بين وهذا كان مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه
[ ص: 38 ] في الابتداء أنه إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12774_12775_11812راجعها ولم يعلمها لا يثبت حكم الرجعة في حقها ما لم تعلم حتى إذا اعتدت وتزوجت ودخل بها الثاني لم يبق للأول عليها سبيل لدفع الضرر عنها ، ثم رجع إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أن مراجعته إياها صحيح بغير علمها ، وهي منكوحة سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل ; لأن الزوج يستبد بالرجعة كما يستبد بالطلاق فكما يصح إيقاع الطلاق عليها ، وإن لم تعلم به فكذلك رجعتها لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وبعولتهن أحق بردهن } في ذلك ، وإنما يكون أحق إذا كان يستبد به . والرجعة إمساك بالنص كما قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فإمساك بمعروف } والمالك ينفرد بإمساك ملكه من غير أن يحتاج إلى علم غيره .
كِتَابُ الْمَفْقُودِ ( قَالَ ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ إمْلَاءً : الْمَفْقُودُ اسْمٌ لِمَوْجُودٍ هُوَ حَيٌّ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ حَالِهِ وَلَكِنَّهُ خَفِيُّ الْأَثَرِ كَالْمَيِّتِ بِاعْتِبَارِ مَآلِهِ ، وَأَهْلُهُ فِي طَلَبِهِ يَجِدُّونَ ، وَلِخَفَاءِ أَثَرِ مُسْتَقَرِّهِ لَا يَجِدُونَ قَدْ انْقَطَعَ عَلَيْهِمْ خَبَرُهُ وَاسْتَتَرَ عَلَيْهِمْ أَثَرُهُ ، وَبِالْجِدِّ رُبَّمَا يَصِلُونَ إلَى الْمُرَادِ وَرُبَّمَا يَتَأَخَّرُ اللِّقَاءُ إلَى يَوْمِ التَّنَادِ وَالِاسْمُ فِي اللُّغَةِ مِنْ الْأَضْدَادِ يَقُولُ الرَّجُلُ : فَقَدْتُ الشَّيْءَ أَيْ أَضْلَلْتُهُ ، وَفَقَدَتْهُ أَيْ طَلَبْتُهُ وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ يَتَحَقَّقُ فِي الْمَفْقُودِ ، فَقَدْ ضَلَّ عَنْ أَهْلِهِ وَهُمْ فِي طَلَبِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=14155_14154_14160_12766وَحُكْمُهُ فِي الشَّرْعِ أَنَّهُ حَيٌّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى لَا يُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ ، مَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَرِثَ هُوَ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَائِهِ ; لِأَنَّ ثُبُوتَ حَيَاتِهِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ فَإِنَّهُ عَلِمَ حَيَاتَهُ فَيَسْتَصْحِبُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ ، وَاسْتِصْحَابُ الْحَالِ مُعْتَبَرٌ فِي إبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ فِي إثْبَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا ، وَفِي الِامْتِنَاعِ مِنْ قِسْمَةِ مَالِهِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ ، وَفِي تَوْرِيثِهِ مِنْ الْغَيْرِ إثْبَاتُ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لَهُ ، وَلِأَنَّ حَيَاتَهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ ، وَالظَّاهِرُ حُجَّةٌ لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ
[ ص: 35 ] لِلِاسْتِحْقَاقِ ، فَلَا يُسْتَحَقُّ بِهِ مِيرَاثُ غَيْرِهِ ، وَيَنْدَفِعُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ وَرَثَتِهِ لِمَالِهِ بِهَذَا الظَّاهِرِ ; وَلِهَذَا لَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ عِنْدَنَا ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَمَا بَدَأَ بِهِ الْكِتَابُ مِنْ قَوْلِهِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12759امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ : إنَّهَا امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَسْتَبِينَ مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ ، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمُ كَمَا قَالَ : قَدْ سَمِعْنَا أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ ، وَتَرَبُّصُ أَرْبَعِ سِنِينَ كَانَ يَقُولُ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ كَانَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُوقَفُ عَلَى خَبَرِهِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاجِبٌ فِيمَا لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، خُصُوصًا إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا ، وَقَدْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا لِكَيْ لَا تَبْقَى مُعَلَّقَةً .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعِنِّينِ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا ، وَبَيْنَ الْمَوْلَى وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا ، وَلَكِنَّ عُذْرَ الْمَفْقُودِ أَظْهَرُ مِنْ عُذْرِ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْمُدَّتَانِ فِي التَّرَبُّصِ ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُجْعَلَ الشُّهُورُ سِنِينَ ، فَلِهَذَا تَتَرَبَّصُ وَلَا نَأْخُذُ بِهَذَا ; لِأَنَّ نِكَاحَهُ حَقُّهُ ، وَهُوَ حَيٌّ فِي إبْقَاءِ مِلْكِهِ وَحَقِّهِ عَلَيْهِ ، وَلَوْ مَكَّنَّا زَوْجَتَهُ مِنْ أَنْ تَتَزَوَّجَ كَانَ فِيهِ حُكْمٌ بِالْمَوْتِ ضَرُورَةً ، إذْ الْمَرْأَةُ لَا تَحِلُّ لِزَوْجَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجِب قِسْمَةٌ مَالِهِ أَيْضًا ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى مَوْتِهِ دَلِيلٌ مُوجِبٌ لَهُ . وَالتَّقْدِيرُ بِالْمُدَّةِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ لِدَفْعِ ظُلْمِ التَّعْلِيقِ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الظُّلْمِ مِنْ الْمَفْقُودِ فَقُلْنَا : إنَّهَا امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَابْتَلَاهَا بِأَشَدَّ مِنْ هَذَا . فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12755_14162لَمْ يَظْهَرْ خَبَرُهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ حَيًّا ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِمَوْتِهِ ; لِأَنَّ مَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَطَرِيقُهُ فِي الشَّرْعِ الرُّجُوعُ إلَى أَمْثَالِهِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ ، وَمَهْرُ مِثْلِ النِّسَاءِ وَبَقَاؤُهُ بَعْدَ مَوْتِ جَمِيعِ أَقْرَانِهِ نَادِرٌ ، وَبِنَاءُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ دُونَ النَّادِرِ .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14111الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ : إذَا تَمَّ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ مَوْلِدِهِ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ ، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الطَّبَائِعِ وَالنُّجُومِ ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ ; لِأَنَّ اجْتِمَاعَ التَّحْسِينِ يَحْصُلُ لِلطِّبَاعِ الْأَرْبَعِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُضَادّ وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ طَبْعَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَيَمُوتُ ، وَلَكِنَّ خَطَأَهُمْ فِي هَذَا قَدْ تَبَيَّنَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي طُولِ عُمْرِ بَعْضِ مَنْ كَانَ قَبْلنَا
كَنُوحٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ ، فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : إذَا مَضَى مِائَةُ سَنَةٍ مِنْ مَوْلِدِهِ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَحَدًا فِي زَمَانِنَا
[ ص: 36 ] لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ .
وَحُكِيَ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَعْنَى هَذَا قَالَ : أُبَيِّنُهُ لَكُمْ بِطَرِيقٍ مَحْسُوسٍ ، فَإِنَّ الْمَوْلُودَ إذَا كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ يَدُورُ حَوْلَ أَبَوَيْهِ هَكَذَا وَعَقَدَ عَشْرًا ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ عِشْرِينَ سَنَةٍ فَهُوَ بَيْنَ الصِّبَا وَالشَّبَابِ هَكَذَا وَعَقَدَ عِشْرِينَ ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ يَسْتَوِي هَكَذَا وَعَقَدَ ثَلَاثِينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ أَرْبَعِينَ تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَثْقَالُ هَكَذَا وَعَقَدَ أَرْبَعِينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ خَمْسِينَ يَنْحَنِي مِنْ كُثْرِ الْأَثْقَالِ وَالْأَشْغَالِ هَكَذَا وَعَقَدَ خَمْسِينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ سِتِّينَ يَنْقَبِضُ لِلشَّيْخُوخَةِ هَكَذَا وَعَقَدَ سِتِّينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ سَبْعِينَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا هَكَذَا وَعَقَدَ سَبْعِينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ ثَمَانِينَ يَسْتَلْقِي هَكَذَا وَعَقَدَ ثَمَانِينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ تِسْعِينَ تَنْضَمُّ أَمْعَاؤُهُ هَكَذَا وَعَقَدَ تِسْعِينَ ، فَإِذَا كَانَ ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ يَتَحَوَّلُ مِنْ الدُّنْيَا إلَى الْعُقْبَى كَمَا يَتَحَوَّلُ الْحِسَابُ مِنْ الْيُمْنَى إلَى الْيُسْرَى .
وَهَذَا يُحْمَلُ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ عَلَى طَرِيقِ الْمُطَايَبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ الْحُكْمَ بِمِثْلِ هَذَا ، وَهُوَ كَمَا نُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَنَاتِ الْعَشْرِ مِنْ النِّسَاءِ فَقَالَ : لَهْوُ اللَّاهِينَ ، فَسُئِلَ عَنْ بَنَاتِ الْعِشْرِينَ فَقَالَ : لَذَّةُ الْمُعَانِقِينَ ، فَسُئِلَ عَنْ بَنَاتِ الْخَمْسِينَ فَقَالَ : عَجُوزٌ فِي الْغَابِرِينَ ، وَسُئِلَ عَنْ بَنَاتِ السِّتِّينَ فَقَالَ : لَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ . وَكَانَ
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يُفْتِي فِي الْمَفْقُودِ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فِي نَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ عَاشَ مِائَةَ سَنَةٍ وَسَبْعَ سِنِينَ . فَالْأَلْيَقُ بِطَرِيقِ الْفِقْهِ أَنْ لَا يُقَدَّرَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالرَّأْيِ لَا يَكُونُ وَلَا نَصَّ فِيهِ ، وَلَكِنْ نَقُولُ : إذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ اعْتِبَارًا لِحَالِهِ بِحَالِ نَظَائِرِهِ .
( وَذُكِرَ ) عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16330عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَ لَقِيتُ : الْمَفْقُودَ نَفْسَهُ فَحَدَّثَنِي حَدِيثَهُ قَالَ : أَكَلْت حَرِيرًا فِي أَهْلِي ثُمَّ خَرَجْتُ فَأَخَذَنِي نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَمَكَثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فِي عِتْقِي فَأَعْتَقُونِي ، ثُمَّ أَتَوْا بِي قَرِيبًا مِنْ
الْمَدِينَةِ فَقَالُوا أَتَعْرِفُ النَّخْلَ فَقُلْتُ : نَعَمْ فَخَلُّوا عَنِّي فَجِئْتُ ، فَإِذَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَبَانَ امْرَأَتِي بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَحَاضَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ فَخَيَّرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيَّ وَبَيْنَ الْمَهْرِ . وَأَهْلُ الْحَدِيثِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَرَوْنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ هَمَّ بِتَأْدِيبِهِ حِينَ رَآهُ ، وَجَعَلَ يَقُولُ : يَغِيبُ أَحَدُكُمْ عَنْ زَوْجَتِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ ، وَلَا يَبْعَثُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ : لَا تَعْجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَذَكَرَ لَهُ قِصَّتَهُ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=12766_12772_26750الْجِنَّ قَدْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى بَنِي آدَمَ ، وَأَهْلُ الزَّيْغِ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ . فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : الْمُسْتَنْكَرُ دُخُولُهُمْ
[ ص: 37 ] فِي الْآدَمِيِّ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الرُّوحَيْنِ فِي شَخْصٍ لَا يَتَحَقَّقُ ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ تَسَلُّطُهُمْ عَلَى الْآدَمِيِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُمْ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْمِلُوا جِسْمًا كَثِيفًا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ : نَأْخُذُ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ الْآثَارُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11094إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ } ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
إنَّهُ يَدْخُلُ فِي رَأْسِ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِهِ } حَدِيثٌ فِيهِ طُولٌ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ لَنَا أَيْضًا فَنَتَّبِعُ الْآثَارَ ، وَلَا نَشْتَغِلُ بِكَيْفِيَّةِ ذَلِكَ ، وَكَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّمَا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ لَمَّا تَبَيَّنَ مِنْ حَالِ هَذَا الرَّجُلِ ، وَأَمَّا تَخْيِيرُهُ إيَّاهُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=12772_10998الْمَرْأَةِ إذَا نُعِيَ إلَيْهَا زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ ، وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ أَتَى الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَيًّا إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ ، وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُهُ عَنْهُ إلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ تُرَدُّ إلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْآخَرِ ، وَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا ، وَلَا يَقْرَبُهَا الْأَوَّلُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الْآخَرِ وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبْرَاهِيمُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَيَقُولُ : قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِهِ نَأْخُذُ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ ، وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ وَمَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ لَيْسَتْ مِنْ الْمُحَلَّلَاتِ بَلْ هِيَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فِي حَقِّ سَائِرِ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ } فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ تَرْكُهَا مَعَ الثَّانِي ، وَإِذَا اخْتَارَ الْأَوَّلُ الْمَهْرَ ، وَلَكِنْ يَكُونُ النِّكَاحُ مُنْعَقِدًا بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ دَفْعُ الْمَهْرِ إلَى الْأَوَّلِ ، وَهُوَ بَدَلُ بُضْعِهَا فَيَكُون مَمْلُوكًا لَهَا دُونَ زَوْجِهَا كَالْمَنْكُوحَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْأَوَّلِ ، وَلَكِنْ لَا يَقْرَبُهَا لِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً لِغَيْرِهِ كَالْمَنْكُوحَةِ إذَا وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ .
وَذُكِرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16330عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجَعَ عَنْ ثَلَاثِ قَضِيَّاتٍ إلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ
امْرَأَةِ أَبِي كَنَفٍ ، وَالْمَفْقُودِ زَوْجُهَا ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا . أَمَّا حُكْمُ الْمَفْقُودِ وَالْمُعْتَدَّةِ فَقَدْ بَيَّنَّا . وَأَمَّا حَدِيثُ
أَبِي كَنَفٍ فَهُوَ مَا رَوَاهُ
إبْرَاهِيمُ أَنَّ
أَبَا كَنَفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَأَعْلَمَهَا وَرَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَمْ يُعْلِمْهَا ، فَجَاءَ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ فَأَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ لَهُ : إنْ وَجَدْتهَا لَمْ يُدْخَلُ بِهَا فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دُخِلَ بِهَا فَلَيْسَ لَك عَلَيْهَا سَبِيلٌ ، فَقَدِمَ وَقَدْ وَضَعَتْ الْقُصَّةَ عَلَى رَأْسِهَا فَقَالَ لَهُمْ : إنَّ لِي إلَيْهَا حَاجَةً فَخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَهَا ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَبَاتَ عِنْدَهَا ، ثُمَّ غَدَا إلَى الْأَمِيرِ بِكِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفُوا أَنَّهُ جَاءَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ وَهَذَا كَانَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
[ ص: 38 ] فِي الِابْتِدَاءِ أَنَّهُ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12774_12775_11812رَاجَعَهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الرَّجْعَةِ فِي حَقِّهَا مَا لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى إذَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي لَمْ يَبْقَ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ لَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُرَاجَعَتَهُ إيَّاهَا صَحِيحٌ بِغَيْرِ عِلْمِهَا ، وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ; لِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَبِدُّ بِالرَّجْعَةِ كَمَا يَسْتَبِدُّ بِالطَّلَاقِ فَكَمَا يَصِحُّ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ فَكَذَلِكَ رَجْعَتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَحَقَّ إذَا كَانَ يَسْتَبِدُّ بِهِ . وَالرَّجْعَةُ إمْسَاكٌ بِالنَّصِّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } وَالْمَالِكُ يَنْفَرِدُ بِإِمْسَاكِ مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى عِلْمِ غَيْرِهِ .