( قال ) : ولو ، لم يقع الطلاق بقولها بخلاف الحيض ; لأن الولادة مما يقف عليها غيرها . قال لها : إذا ولدت ، فأنت طالق فقالت : قد ولدت ، وكذبها الزوج
فإن قول القابلة يقبل في الولد فلا يحكم بوقوع الطلاق ما لم تشهد القابلة به ، والحيض لا يقف عليه غيرها ، فإن شهدت [ ص: 106 ] القابلة بالولادة ، ثبت نسب الولد بشهادتها ، ولا يقع الطلاق عند رحمه الله تعالى ما لم يشهد به رجلان ، أو رجل وامرأتان وعند أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله تعالى يقع الطلاق عليها بشهادة القابلة ; لأن شرط وقوع الطلاق عليها ولادتها ، وقد صار محكوما به بشهادة القابلة بدليل ثبوت نسب الولد . ومحمد
وشهادة القابلة في حال قيام الفراش حجة تامة في حق النسب وغيره ألا ترى أنه لو قال لجاريته : إن كان بها حبل فهو مني فشهدت القابلة على ولادتها ، صارت هي أم ولد له ، وكذلك إن ولدت امرأته ولدا ثم قال الزوج : هو ليس مني ولا أدري ولدته أم لا فشهدت القابلة ، حكم باللعان بينهما .
ولو كان الزوج عبدا أو حرا محدودا في قذف ، وجب عليه الحد ، فإذا جعلت شهادة القابلة حجة في حكم اللعان والحد ، فلأن تجعل حجة في حكم الطلاق أولى .
رحمه الله تعالى يقول : شرط الطلاق إذا كان لا يثبت إلا بالشهادة فلا بد فيه من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين كسائر الشروط وهذا ; لأن شرط الطلاق كنفس الطلاق ، وتأثيره أن شهادة المرأة الواحدة ليست بحجة أصلية ، وإنما يكتفى بها فيما لا يطلع عليه الرجال ; لأجل الضرورة . وأبو حنيفة
والثابت بالضرورة لا يعدو مواضعها ، والضرورة في نفس الولادة وما هو من الأحكام المختصة بالولادة ; لأن ثبوت الحكم بثبوت نسبه ، والولادة لا يطلع عليها الرجال والحكم المختص بالولادة أمية الولد للأم ، واللعان عند نفي الولد ، فأما وقوع الطلاق والعتاق ليس من الحكم المختص بالولادة ولا أثر للولادة فيه بل إنما يقع بإيقاعه عند وجود الشرط ، ونسب الولد من الأحكام المختصة بالولادة مع أن النسب عند رحمه الله تعالى لا يثبت بشهادة القابلة ، وإنما يثبت بعين الولد فإن ثبوت النسب بالفراش القائم ، وبأن يجعل شهادة القابلة حجة في ثبوت النسب فذلك لا يدل على أنها تكون حجة في وقوع الطلاق كما بينا في قوله : إذا حضت فأنت طالق ، وفلانة معك . أبي حنيفة
ولو كان الزوج أقر بأنها حبلى ثم قال لها : إذا ولدت ، فأنت طالق فقالت قد ولدت ، عند رحمه الله تعالى يقع الطلاق بمجرد قولها ، وعندهما لا يقع إلا أن تشهد القابلة ; لأن شرط الطلاق ولادتها ، وذلك ما يقف عليها غيرها فلا يقبل فيه مجرد قولها كما في الفصل الأول ألا ترى أن نسب الولادة لا يثبت إلا بشهادة القابلة ، وإن أقر الزوج بالحبل فكذلك الطلاق أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقول : علق الطلاق ببروز موجود في باطنها فيقع الطلاق بمجرد خبرها كما لو قال : إذا حضت فأنت طالق وهذا ; لأن وجود الحبل بها يثبت بإقرار الزوج [ ص: 107 ] فلما جاءت الآن ، وهي فارغة ، وتقول : قد ولدت ، فالظاهر يشهد لها ، أو يتيقن بولادتها ، وهذا بخلاف النسب ; لأن بقولها يثبت مجرد الولادة ، وليس من ضرورته تعين هذا الولد ; لجواز أن تكون ولدت غير هذا من والد ميت ثم تريد حمل نسب هذا الولد عليه فلهذا لا يقبل قولها في تعيين الولد إلا بشهادة الوالد . وأبو حنيفة
فأما وقوع الطلاق يتعلق بنفس الولادة أي ولد كان من حي أو ميت ، وبعد إقرار الزوج بالحبل يتيقن بالولادة ، إذا جاءت وهي فارغة .