( أحدها ) في يفسد حجه لقوله تعالى { المفرد بالحج إذا جامع قبل الوقوف فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } فهو دليل على المنافاة بين الحج والجماع فإذا وجد الجماع فسد الحج ، وعليه المضي في الفاسد ، والقضاء من قابل . على هذا اتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من شرع في الإحرام لا يصير خارجا عنه إلا بأداء الأعمال فاسدا كان أو صحيحا ، وعليه دم عندنا ، وعند رحمه الله تعالى عليه بدنة بمنزلة ما لو جامع بعد الوقوف ، ولكنا نقول هذا الدم لتعجيل هذا الإحلال ، والشاة تكفي فيه كما في المحصر ، وجزاء فعله هنا وجوب القضاء عليه ; لأنه أهم ما يجب في الحج فلا يجب معه كفارة أخرى فأما إذا الشافعي بعرفة لا يفسد حجه عندنا ، ولكن يلزمه بدنة ، ويتم حجه ، وعلى قول جامع بعد الوقوف رحمه الله تعالى إذا الشافعي يفسد حجه ; لأن إحرامه قبل الرمي مطلق ، ألا ترى أنه لا يحل له شيء مما هو حرام على المحرم ، والجماع في الإحرام المطلق مفسد للنسك كما قبل الوقوف جامع قبل الرمي بعرفة بخلاف ما بعد الرمي فقد جاء أوان التحلل ، وحل له الحلق الذي كان حراما قبل على المحرم ، والحجة لنا في ذلك حديث رضي الله عنهما قال { ابن عباس إذا جامع قبل الوقوف فسد نسكه ، وعليه بدنة ، وإذا جامع بعد الوقوف بعرفة فحجته تامة ، وعليه دم } . وقال صلى الله عليه وسلم { عرفة فمن وقف بعرفة فقد تم حجه } ، وبالاتفاق لم يرد التمام من حيث أداء الأفعال فقد بقي عليه بعض الأركان ، وإنما أراد به الإتمام من حيث إنه يأمن الفساد بعده ، وهو المعنى الفقهي أن بالوقوف تأكد حجه ، ألا ترى أنه يأمن الفوات بعد الوقوف فكما يثبت حكم التأكد في الأمن من الفوات فكذلك في الأمن من الفساد فأما قبل الوقوف حجه غير متأكد ألا ترى أنه [ ص: 58 ] يفوته بمضي وقت الوقوف فكذلك يفسد بالجماع ، وهذا لأن الجماع محظور كسائر المحظورات ، وارتكاب محظورات الحج غير مفسد له فكان ينبغي أن لا يكون الجماع مفسدا تركنا هذا الأصل فيما إذا حصل الجماع قبل تأكد الإحرام بدليل الإجماع ، وما بعد التأكد ليس في معنى ما قبله فيبقى على أصل القياس ، وهذا وعلى أصله أظهر فإنه يقول إذا الحج جاز حجه عن الفرض بخلاف ما بعد الوقوف توضيحه أن عنده لو جامع قبل الرمي يفسد الحج ، وإذا جامع بعده لا يفسد ، والجماع قبل الرمي لا يكون أكثر تأثيرا من ترك الرمي ، وترك الرمي غير مفسد للحج فكيف يكون الجماع قبله مفسدا بلغ الصبي قبل الوقوف