( قال ) : واذا لم يجزها صومها في ذلك اليوم لانعدام الأهلية للأداء في أوله ، وعليها الإمساك عندنا خلافا طهرت الحائض في بعض نهار رمضان رحمه الله تعالى فالأصل عنده أن [ ص: 58 ] من كان مباحا له الإفطار في أول اليوم ظاهرا وباطنا لا يلزمه الإمساك فيه في بقية اليوم ; لأن وجوب الإمساك في يوم واحد لا يتجزأ كوجوب الصوم ، وعلى هذا للشافعي لا يلزمهم الإمساك عنده بخلاف يوم الشك إذا تبين أنه من رمضان والمتسحر بعد طلوع الفجر ، وهو لا يعلم به ; لأن الأكل كان مباحا له باطنا والأصل عندنا أن من صار في بعض النهار على صفة لو كان عليها في أول النهار يلزمه الصوم فعليه الإمساك في بقية النهار ; لأن الإمساك مشروع خلفا عن الصوم عند فواته لقضاء حق الوقت ; ولأنه لو أكل ، ولا عذر به اتهمه الناس والتحرز عن مواضع التهمة واجب قال صلى الله عليه وسلم : { الصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم والمريض إذا برئ والمسافر إذا قدم مصره والمجنون إذا أفاق في بعض النهار } . وقال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم رضي الله تعالى عنه إياك وما يقع عند الناس إنكاره ، وفي رواية ما يسبق إلى القلوب إنكاره ، وإن كان عندك اعتذاره فليس كل سامع نكرا يطيق أن يوسعه عذرا ، وإن أكلت لم يلزمها شيء ; لأن الإمساك لحق الوقت ، وقد فات على وجه لا يمكن تداركه وعليها قضاء هذا اليوم مع سائر أيام الحيض لما روي أن امرأة قالت علي لعائشة رضي الله عنها : ما بال إحدانا تقضي صيام أيام الحيض ولا تقضي الصلاة فقالت أحرورية أنت كنا على عهد رسول صلى الله عليه وسلم نقضي صيام أيام الحيض ولا نقضي الصلاة ; ولأن الحرج عذر مسقط للقضاء كما أنه مسقط للأداء وفي قضاء خمسين صلاة في كل عشرين يوما حرج بين وليس في قضاء صوم عشرة أيام في إحدى عشر شهرا كبير حرج